Al-Kharaj
الخراج
Baare
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Lambarka Daabacaadda
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Sanadka Daabacaadda
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: مَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْمَلَ بِهِ فِي السوَاد
قَالَ أَبُو يُوسُف: رَحْمَة الله تَعَالَى عَلَيْهِ: نَظَرْتُ فِي خَرَاجِ السَّوَادِ وَفِي الْوُجُوهِ الَّتِي يُجْبَى عَلَيْهَا، وَجَمَعْتُ فِي ذَلِكَ أَهْلَ الْعِلْمِ بِالْخَرَاجِ وَغَيْرِهِمْ وَنَاظَرْتُهُمْ فِيهِ؛ فَكُلٌّ قَدْ قَالَ فِيهِ بِمَا لَا يَحِلُّ الْعَمَلُ بِهِ؛ فَنَاظَرْتُهُمْ فِيمَا كَانَ وُظِّفَ عَلَيْهِمْ فِي خِلافَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي خَرَاجِ الأَرْضِ وَاحْتِمَالِ أَرْضِهِمْ إِذْ ذَاكَ لِتِلْكَ الْوَظِيفَةِ؛ حَتَّى قَالَ عُمَرُ لِحُذَيْفَةَ وَعُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: لَعَلَّكُمَا حَمَّلْتُمَا الأَرْضَ مَا لَا تُطِيقُ -وَكَانَ عُثْمَانُ عَامِلُهُ إِذْ ذَاكَ عَلَى شَطِّ الْفُرَاتِ وَحُذَيْفَةُ عَامِلُهُ عَلَى مَا وَرَاءِ دِجْلَةَ مِنْ جَوْخَى وَمَا سَقَتْ-
فَقَالَ عُثْمَانُ: حَمَّلْتُ الأَرْضَ أَمْرًا هِيَ لَهُ مطيقة، وَلَو شِئْت لأشعفت.
وَقَالَ حُذَيْفَةُ: وَضَعْتُ عَلَيْهَا أَمْرًا هِيَ لَهُ مُحْتَمِلَةٌ وَمَا فِيهَا كَثِيرُ فَضْلٍ، وَإِنَّ أَرَاضِيهِمْ كَانَتْ تَحْتَمِلُ ذَلِكَ الْخَرَاجُ الَّذِي وُظِّفَ عَلَيْهَا؛ إِذْ كَانَ صاحبا لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَخْبَرَا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَأْتِنَا عَنْ أَحَدٍ مِنَ النَّاسِ فِيهِ اخْتِلافٌ؛ فَذَكَرُوا أَنَّ الْعَامِرَ كَانَ مِنَ الأَرَضِينِ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كثيرا وَأَن الْمُعَطل مِنْهَا كَانَ يَسِيرًا، وَوَصَفُوا كَثْرَةَ الْعَامِرِ الَّذِي لَا يُعْمَلُ وَقِلَّةَ الْعَامِرِ الَّذِي يُعْمَلُ، وَقَالُوا لَوْ أَخَذْنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ الْخَرَاجِ الَّذِي كَانَ حَتَّى يَلْزَمَ لِلْعَامِرِ الْمُعَطَّلِ مِثْلَ مَا يلْزم لِلْعَامِلِ المعتمل، ثمَّ تقوم بِعِمَارَةِ مَا هُوَ السَّاعَةَ غَامِرٌ وَلَا نحرثه لِضَعْفِنَا عَنْ أَدَاءِ خَرَاجِ مَا لم نعمله وَقلة ذَات أَيْدِينَا.
فَأَما مَا تعطل مُنْذُ مائَة سنة وَأكْثر وَأَقل؛ فَلَيْسَ يُمكن عِمَارَته وَلا اسْتِخْرَاجِهِ فِي قَرِيبٍ وَلِمَنْ يَعْمُرُ ذَلِكَ حَاجَةٌ إِلَى مُؤَنَةٍ وَنَفَقَةٍ لَا تُمْكِنُهُ؛ فَهَذَا عُذْرُنَا فِي تَرْكِ عِمَارَةِ مَا قَدْ تَعَطَّلَ، فَرَأَيْتُ أَنَّ وَظِيفَةً مِنَ الطَّعَامِ -كَيْلًا مُسَمًّى أَوْ دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ تُوضَعُ عَلَيْهِمْ مُخْتَلَفًا- فِيهِ دَخَلٌ عَلَى السُّلْطَانِ وَعَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَفِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ.
وَظِيفَة الطَّعَام فِي الرُّخص والغلاء:
أَمَّا وَظِيفَةُ الطَّعَامِ فَإِنْ كَانَ رَخِصًا فَاحِشًا لَمْ يَكْتَفِ السُّلْطَانُ بِالَّذِي وَظَّفَ عَلَيْهِمْ وَلَمْ يَطِبْ نَفْسًا بِالْحَطِّ عَنْهُمْ، وَلَمْ يَقْوَ بِذَلِكَ الْجُنُودُ وَلَمْ تُشْحَنْ بِهِ الثغور، وَإِمَّا غلاء فَاحِشا
1 / 59