121

Al-Kharaj

الخراج

Baare

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Daabacaha

المكتبة الأزهرية للتراث

Lambarka Daabacaadda

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Sanadka Daabacaadda

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

القَوْل فِي استصلاح الْأَرَاضِي: وَرَأَيْتُ أَنْ تَأْمُرَ عُمَّالَ الْخَرَاجِ إِذَا أَتَاهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ خَرَاجِهِمْ فَذَكَرُوا لَهُمْ أَنَّ فِي بِلادِهِمْ أَنْهَارًا عَادِيَّةً قَدِيمَةً وَأَرْضِينَ كَثِيرَةً غَامِرَةً، وَأَنَّهُمْ إِنِ اسْتَخْرَجُوا لَهُم تِلْكَ الْأَنْهَار واحتقروها وأجرى المَاء فِيهَا عمرت هَذِه الأرضون الغامرة وَزَاد فِي خرجهم، كَتَبَ بِذَلِكَ إِلَيْكَ فَأَمَرْتَ رَجُلا مِنْ أَهْلِ الْخَيْرِ وَالصَّلاحِ يُوثَقُ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ فَتُوَجِّهَهُ فِي ذَلِكَ حَتَّى يَنْظُرَ فِيهِ وَيَسْأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ وَالْبَصِيرَةِ بِهِ، وَمَنْ يُوثَقُ بِدِينِهِ وَأَمَانَتِهِ مِنْ أَهْلِ ذَلِك الْبَلَد، ويشاور فِيهِ غَيْرِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ مِمَّنْ لَهُ بَصِيرَةٌ وَمَعْرِفَةٌ، وَلا يَجُرَّ إِلَى نَفْسِهِ بِذَلِكَ مَنْفَعَةٌ وَلا يَدْفَعُ عَنْهَا بِهِ٩ مَضَرَّةٌ؛ فَإِذَا اجْتَمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي ذَلِكَ صَلاحًا وَزِيَادَةً فِي الْخَرَاجِ أَمَرْتَ بِحَفْرِ تِلْكَ الأَنْهَارِ، وَجَعَلْتَ النَّفَقَةَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَلا تُحَمِّلُ النَّفَقَةَ عَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ فَإِنَّهُمْ إِنْ يُعَمِّرُوا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخَرِّبُوا، وَإِنْ يَفِرُّوا خَيْرٌ مِنْ أَن يذهب مَا لَهُم وَيَعْجَزُوا، وَكُلُّ مَا فِيهِ مَصْلَحَةٌ لأَهْلِ الْخَرَاجِ فِي أَرْضِهِمْ وَأَنْهَارِهِمْ، وَطَلَبُوا إِصْلاحَ ذَلِكَ لَهُمْ أُجِيبُوا إِلَيْهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ طُسُوجٍ آخَرَ ورُسْتَاقَ١ آخَرَ مِمَّا حَوْلَهُمْ؛ فَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى غَيْرِهِمْ وَذِهَابٌ بِغَلاتِهِمْ وَكَسْرٌ لِلْخَرَاجِ لَمْ يُجَابُوا إِلَيْهِ. كرى الْأَنْهَار الْعِظَام: قَالَ أَبُو يُوسُف: وَإِذَا احْتَاجَ أَهْلُ السَّوَادِ إِلَى كِرَى أَنْهَارِهِمُ الْعِظَامِ الَّتِي تَأْخُذُ من دجلة والفرات كريت [جفرت] لَهُمْ، وَكَانَتِ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَمِنْ أَهْلِ الْخَرَاجِ وَلا يُحَمَّلُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى أَهْلِ الْخراج، وَأما الْأَنْهَار الَّتِي يجرونها إِلَى أَرْضِهِمْ وَمَزَارِعِهِمْ وَكُرُومِهِمْ وَرِطَابِهِمْ وبساتينهم ومباقالهم وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَكَرْيُهَا عَلَيْهِمْ خَاصَّةً لَيْسَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. فَأَمَّا الْبُثُوقُ وَالْمُسْنِيَاتُ وَالْبَرِيدَاتُ٢الَّتِي تَكُونُ فِي دجلة والفرات وَغَيرهمَا مِنَ الأَنْهَارِ الْعِظَامِ؛ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى هَذَا كُلِّهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لَا يُحْمَلَ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ لأَنَّ مَصْلَحَةَ هَذَا عَلَى الإِمَامِ خَاصَّةٌ لأَنَّهُ أَمْرٌ عَامٌّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لأَنَّ عَطَبَ الأَرْضِينَ مِنْ هَذَا وَشَبَهِهِ؛ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ الضَّرَرُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْخَرَاجِ. وَلا يُوَلَّى النَّفَقَةَ عَلَى ذَلِكَ إِلا رَجُلٌ يَخَافُ اللَّهَ يَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لِلَّهِ، قَدْ عُرِفَتْ أَمَانَتُهُ وَحُمِدَ مَذْهَبُهُ، وَلا تُوَلِّ مَنْ يَخُونُكَ وَيَعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِمَا لَا يَحِلُّ وَلا يَسعهُ

١ النَّاحِيَة الَّتِي هِيَ طرف الإقليم. ٢ البثوق ومفرده بثق هُوَ مَا يخرقه المَاء من جَانب النَّهر، أما المسناة؛ فَهُوَ السد يبْنى أَمَام المَاء ليرتفع فيسقى مَا على جانبيه والبريدات مَفَاتِيح المَاء على السدود.

1 / 123