Al-Kharaj
الخراج
Baare
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Lambarka Daabacaadda
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Sanadka Daabacaadda
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
الْقِيَامَةِ رَاعٍ سَعِدَتْ بِهِ رَعِيَّتُهُ، وَلا تَزِغْ فَتَزِيغَ رَعِيَّتُكَ، وَإِيَّاكَ الْأَمر بِالْهَوَى وَالأَخْذَ بِالْغَضَبِ.
وَإِذَا نَظَرْتَ إِلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا لِلآخِرَةِ وَالآخَرُ لِلدُّنْيَا، فَاخْتَرْ أَمْرَ الآخِرَةِ عَلَى أَمْرِ الدُّنْيَا، فَإِنَّ الآخِرَةَ تَبْقَى وَالدُّنْيَا تَفْنَى.
وَكُنْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ عَلَى حَذَرٍ، وَاجْعَلِ النَّاسَ عِنْدَكَ فِي أَمْرِ اللَّهِ سَوَاءً: الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، وَلا تَخَفْ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ.
وَاحْذَرْ فَإِنَّ الْحَذَرَ بِالْقَلْبِ وَلَيْسَ بِاللِّسَانِ، وَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّمَا التَّقْوَى بِالتَّوَقِّي، وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَقِهْ.
وَاعْمَلْ لأَجَلٍ مَفْضُوضٍ، وَسَبِيلٍ مَسْلُوكٍ، وَطَرِيقٍ مَأْخُوذٍ، وَعَمَلٍ مَحْفُوظٍ، وَمَنْهَلٍ مَوْرُودٍ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ الْمَوْرِدُ الْحَقُّ وَالْمَوْقِفُ الأَعْظَمُ الَّذِي تَطِيرُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَتَنْقَطِعُ فِيهِ الْحُجَجُ لِعِزَّةِ مَلِكٍ قَهَرَهُمْ جَبَرُوتُهُ، وَالْخَلْقُ لَهُ دَاخِرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَنْتَظِرُونَ قَضَاءَهُ وَيَخَافُونَ عُقُوبَتَهُ وَكَأَنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ. فَكَفَى بِالْحَسْرَةِ وَالنَّدَامَةِ يَوْمَئِذٍ فِي ذَلِكَ الْمَوْقِفِ الْعَظِيمِ لِمَنْ عَلِمَ وَلَمْ يَعْمَلْ، يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الأَقْدَامُ وتتغير فِيهِ الألوان، ويطاول فِيهِ الْقِيَامُ، وَيَشْتَدُّ فِيهِ الْحِسَابُ. يَقُولُ اللَّهُ ﵎ فِي كِتَابِهِ: ﴿وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ﴾ [الْحَج: ٤٧] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ﴾ [المرسلات: ٣٨] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [الدُّخان: ٤٠] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ﴾ [الْأَحْقَاف: ٣٥] وَقَالَ: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا﴾ [النازعات: ٤٦] فيا لَهَا مِنْ عَثْرَةٍ لَا تُقَالُ١، وَيَا لَهَا مِنْ نَدَامَةٍ لَا تَنْفَعُ.
إِنَّمَا هُوَ اخْتِلافُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، يُبْلِيَانِ كُلَّ جَدِيدٍ، وَيُقَرِّبَانِ كُلَّ بَعِيدٍ، وَيَأْتِيَانِ بِكُلِّ مَوْعُودٍ، وَيَجْزِي اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ؛ فَاللَّهَ اللَّهَ فَإِنَّ الْبَقَاءَ قَلِيلٌ وَالْخَطْبُ خَطِيرٌ وَالدُّنْيَا هَالِكَةٌ وَهَالِكٌ مَنْ فِيهَا، وَالآخِرَةُ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ. فَلا تَلْقَ اللَّهَ غَدًا وَأَنْتَ سَالِكٌ سَبِيلَ الْمُعْتَدِينَ فَإِنَّ دَيَّانَ يَوْمِ الدِّينِ إِنَّمَا يَدِينُ الْعِبَادَ بأعمالهم وَلَا يدين بمنازلهم. وَقد حذرت اللَّهُ فَاحْذَرْ، فَإِنَّكَ لَمْ تُخْلَقْ عَبَثًا، وَلَنْ تُتْرَكَ سُدًى. وَإِنَّ اللَّهَ سَائِلُكَ عَمَّا أَنْتَ فِيهِ وَعَمَّا عَمِلْتَ بِهِ، فَانْظُرْ مَا الْجَواب.
_________
١ لَا ترفع.
1 / 14