117

Al-Kharaj

الخراج

Baare

طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد

Daabacaha

المكتبة الأزهرية للتراث

Lambarka Daabacaadda

طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة

Sanadka Daabacaadda

أصح الطبعات وأكثرها شمولا

فَصْلٌ: فِي تَقْبِيلِ ١ السَّوَادِ وَاخْتِيَارِ الْوُلاةِ لَهُمْ وَالتَّقَدُّمِ إِلَيْهِمْ قَالَ أَبُو يُوسُف: وَرَأَيْتُ أَنْ لَا تَقْبَلَ شَيْئًا مِنَ السَّوَادِ وَلا غَيْرِ السَّوَادِ مِنَ الْبِلادِ؛ فَإِنَّ الْمُتَقَبِّلَ إِذَا كَانَ فِي قِبَالَتِهِ فَضْلٌ عَنِ الْخَرَاجِ عَسَفَ أَهْلُ الْخَرَاجِ٢ وَحَمَّلَ عَلَيْهِمْ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ وَظَلَمَهُمْ وَأَخَذَهُمْ بِمَا يُجْحِفُ بِهِمْ لِيَسْلَمَ مِمَّا دَخَلَ فِيهِ. وَفِي ذَلِكَ وَأَمْثَالِهِ خَرَابُ الْبِلادِ وَهَلاكُ الرَّعِيَّةِ. وَالْمُتَقَبِّلُ لَا يُبَالِي بِهَلاكِهِمْ بِصَلاحِ أَمْرِهِ فِي قِبَالَتِهِ؛ وَلَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَفْضِلَ بَعْدَ مَا يَتَقَبَّلُ بِهِ فَضْلا كَثِيرًا، وَلَيْسَ يُمْكِنُهُ ذَلِكَ إِلا بِشِدَّةٍ مِنْهُ عَلَى الرَّعِيَّةِ وَضَرْبٍ لَهُمْ شَدِيدٌ، وَإِقَامَتُهُ لَهُمْ فِي الشَّمْسِ، وَتَعْلِيقِ الْحِجَارَةِ فِي الأَعْنَاقِ، وَعَذَابٌ عَظِيمٌ يَنَالُ أَهْلَ الْخَرَاجِ مِمَّا لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي نَهَى الله عَنهُ؛ وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ ﷿ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُمُ الْعَفْوَ، وَلَيْسَ يَحِلُّ أَنْ يُكَلَّفُوا فَوْقَ طَاقَتِهِمْ؛ وَإِنَّمَا أكره الْقِبَالَةَ لأَنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَحْمِلَ هَذَا الْمُتَقَبِّلُ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ مَا لَيْسَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ فَيُعَامِلَهُمْ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ فَيَضُرُّ ذَلِكَ بِهِمْ فَيُخَرِّبُوا مَا عَمَّرُوا وَيَدَعُوهُ فَيَنْكَسِرَ الْخَرَاجُ، وَلَيْسَ يَبْقَى عَلَى الْفَسَادِ شَيْءٌ، وَلَنْ يَقِلَّ مَعَ الصَّلاحِ شَيْءٌ. إِنَّ اللَّهَ قَدْ نَهَى عَنِ الْفَسَادِ. قَالَ الله ﷿: ﴿وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا﴾ [الْأَعْرَاف: ٥٦، ٥٨]، وَقَالَ: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ [الْبَقَرَة: ٢٠٥]؛ وَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَم بحبسهم الْحق حَتَّى يستشري مِنْهُم، وَإِظْهَارِهِمُ الظُّلْمَ حَتَّى يُفْتَدَى مِنْهُمْ. وَالْحَمْلُ عَلَى أَهْلِ الْخَرَاجِ مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِمْ مِنَ الظُّلْمِ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَحِلُّ وَلا يسع. القَوْل فِي الِالْتِزَام: وَإِنْ جَاءَ أَهْلُ طُسُوجٍ٣ أَوْ مِصْرٍ مِنَ الأَمْصَارِ وَمَعَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْبَلَدِ الْمَعْرُوفِ مُوسِرٌ؛ فَقَالَ: أَنا أتضمن عَن أهل هَذَا الطُّسُوجِ أَوْ أَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ خَرَاجَهُمْ وَرَضُوا هُمْ بِذَلِكَ فَقَالُوا: هَذَا أَخَفُّ عَلَيْنَا، نَظَرَ فِي ذَلِك؛ فَإِن كَانَ صلاحا لأَهْلِ هَذَا الْبَلَدِ وَالطُسُوجِ قَبِلَ وَضَمِنَ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَصَيَّرَ مَعَهُ أَمِير مِنْ قِبَلِ الإِمَامِ يُوثَقُ بِدِينِهِ وأمانته وَيجْرِي عَلَيْهِ من

١ تقبلت الْعَمَل التزمته بِعقد، وَكَانَ يُقَال لَهُ: الْمُلْتَزم يلْتَزم بمبلغ معِين عَن بلد ثمَّ يعسف بالرعية ليبقى لَهُ مبلغ كَبِير من الدخل. ٢ أَي ظلمهم. ٣ يَعْنِي أهل نَاحيَة.

1 / 119