Al-Kharaj
الخراج
Baare
طه عبد الرءوف سعد، سعد حسن محمد
Daabacaha
المكتبة الأزهرية للتراث
Lambarka Daabacaadda
طبعة جديدة مضبوطة - محققة ومفهرسة
Sanadka Daabacaadda
أصح الطبعات وأكثرها شمولا
فَصْلٌ: فِي الْجَزَائِرِ فِي دِجْلَةَ والفرات والغروب
قَالَ أَبُو يُوسُف ﵀: وَسَأَلْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ الْجَزَائِرِ الَّتِي تَكُونُ فِي دِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ يَنْضَبُ عَنْهَا الْمَاءُ؛ فَجَاءَ رَجُلٌ وَهِيَ جَزِيرَةٌ أَرْضٍ لَهُ فَحَصَّنَهَا مِنَ الْمَاءِ وَزَرَعَ فِيهَا أَوْ إِذَا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ جَزِيرَةِ دِجْلَةَ أَوِ الْفُرَاتِ؛ فَجَاءَ رَجُلٌ مُلاصِقٌ تِلْكَ الْجَزِيرَةَ بِأَرْضٍ لَهُ فَحَصَّنَهَا مِنَ الْمسَاء وَزَرَعَ فِيهَا فَهِيَ لَهُ، وَهَذَا مِثْلُ الأَرْضِ الْمَوَاتِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ بِأَحَدٍ، وَإِنْ كَانَ يَضُرُّ أَحَدًا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُتْرَكْ يُحَصِّنُهَا وَلا يَزْرَعُ فِيهَا١ وَيُحْدِثُ فِيهَا حَدَثًا إِلا بِإِذْنِ الإِمَامِ.
فَأَمَّا إِذَا نَضَبَ الْمَاءُ عَنْ جَزِيرَةٍ فِي دِجْلَهَ -مِثْلَ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ الَّتِي بِحِذَاءِ بُسْتَانِ مُوسَى، وَهَذِهِ الْجَزِيرَةِ الَّتِي مِنَ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ- فَلَيْسَ لأَحَدٍ أَنْ يُحْدِثَ فِيهَا شَيْئًا لَا بِنَاءً وَلا زَرْعًا؛ لأَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْجَزِيرَةِ إِذَا حُصِّنَتْ وَزُرِعَتْ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى أَهْلِ الْمَنَازِلِ وَالدُّورِ، قَالَ: وَلا يَسَعُ الإِمَامَ أَنْ يُقْطَعَ شَيْئًا مِنِ هَذَا، وَلا يُحْدِثَ فِيهِ حَدَثًا،
قَالَ: وَأَمَّا مَا كَانَ خَارِجَ الْمَدِينَةِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الأَرْضِ الْمَيْتَةِ يُحْيِيهَا الرَّجُلُ وَيُؤَدِّي عَنْهَا حَقَّ السُّلْطَانِ.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلا فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْبَطِيحَةِ٢ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ لأَحَدٍ غَلَبَ عَلَيْهِ الْمَاءُ فَضَرَبَ عَلَيْهَا الْمِسْنَاةَ وَاسْتَخْرَجَهَا، وَأَحْيَاهَا وَقَطَعَ مَا فِيهَا مِنَ الْقَصَبِ؛ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الأَرْضِ الْمَيْتَةِ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا عَالَجَ مِنْ أَجَمَةٍ أَوْ مِنْ بَحْرٍ أَوْ مِنْ بَرٍّ بَعْدَ أَنْ لَا يَكُونُ فِيهِ مِلْكٌ لإنْسَانٍ؛ فَاسْتَخْرَجَهُ رَجُلٌ وَعَمَّرَهُ فَهُوَ لَهُ وَهُوَ بِمَنْزِلَة الْموَات.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلا أَحْيَا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا قَدْ كَانَ لَهُ مَالِكٌ قَبْلَهُ رَدَدْتُ ذَلِكَ إِلَى الأَوَّلِ وَلَمْ أَجْعَلْ لِلثَّانِي فِيهِ حَقًّا، فَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدْ زرع يَده؛ فَلَهُ زَرْعُهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا نَقُصَتِ الأَرْضُ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَجْرُهُ وَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا قَطَعَ مِنْ قَصَبِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الأَرْضُ فِي الْبَرِّيَّةِ فِيهَا نَبَاتٌ؛ لأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْقَصَبِ.
قَالَ: وَلَوْ أَنَّ رَجُلا حَظَرَ حَظِيرَةً فِي الْبَطِيحَةِ، وَكَرَى لَهَا نَهَرًا فَجَاءَ رجل فَقَالَ: أَنا أَدخل
_________
١ وَمن مبادئ الْإِسْلَام الْمَشْهُورَة أَنه لَا ضَرَر وَلَا ضرار.
٢ الْمَكَان المتسع.
1 / 105