النوع الثانى: الاستضعاف الكلي:
وهو الذي لا يمكن معه إظهار الإسلام وشعائره وتطبيقها، إما كلها أو معظمها.
ومن أمثلة الاستضعاف الكلي حال النبي ﷺ والصحابة رضوان اللَّه عليهم في مكة لاسيما في المرحلة السرية من الدعوة، ويصف تلك المرحلة عبد اللَّه بن مسعود ﵁ بقوله: (واللَّه ما استطعنا أن نصلي عند الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر) (١)، وعنه ﵁ قال: (إن إسلام عمر كان فتحا، وإن هجرته كانت نصرا، وإن إمارته كانت رحمة، واللَّه ما استطعنا أن نصلي عند الكعبة ظاهرين حتى أسلم عمر) (٢)، وفي رواية: (مَا زِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ) (٣) "أي: لما كان فيه من الجلد والقوة في أمر اللَّه" (٤)، فقد كان ﷺ يصلي مختفيا هو ومن أسلم معه في دار الأرقم (٥)، حتى أسلم عمر ﵁ فأصبح المسلمين يصلون جهارًا
(١) المستدرك على الصحيحين، باب من مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ﵁، رقم: ٤٤٨٧، ٣/ ٩٠، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وعلق الذهبي في التلخيص: صحيح.
(٢) المعجم الكبير، سليمان بن أحمد أبو القاسم الطبراني، تحقيق: حمدي بن عبد المجيد، الموصل: مكتبة العلوم والحكم، ط ٢، ١٤٠٤ هـ، ٩/ ١٦٢.
(٣) أخرجه البخاري، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر بن الخطاب ﵁، رقم: ٣٤٨١.
(٤) فتح الباري، ٧/ ٤٨.
(٥) الأرقم بن أبي الأرقم اسمه عبد مناف ابن أسد بن عبد اللَّه بن عمر المخزومي يكنى أبا عبد اللَّه، من السابقين الأولين، روى الحاكم في المستدرك أنه أسلم سابع سبعة، استخفى النبي ﷺ والصحابة في داره عند الصفا، فلما تكاملوا أربعين رجلا خرجوا وكان آخرهم إسلاما عمر، شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلّها، كان من عقلاء قريش، أعطاه النبي ﷺ يوم بدر سيفًا، واستعمله على الصدقة، وأقطعه دارًا بالمدينة، توفي بالمدينة في خلافة معاوية ﵄ سنة خمس وخمسن وعمره خمس وثمانون سنة" انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ١/ ٤٣ - ٤٤، والطبقات الكبرى، ٣/ ٢٤٢ - ٢٤٣، وسير أعلام النبلاء، ٢/ ٤٧٩.