العصر فهذا يقول : تُصلى إلى المِثلينْ ، وهذا يقول لا تصلى إلا بعد المِثْلَين ، والصحيح أنها تصلى من حين يصيرُ ظلُ كل شيء مِثْله إلى اصفرار الشمس ، فوقتها أوسع ، كما قاله هؤلاء ، وهؤلاء ، وعلى هذا تدل الأحاديث الصحيحة المدنية ، وهو قول أبي يوسف ، ومحمد بن الحسن وهو الرواية الأخرى عن أحمد .
والمقصود هنا أن من المسائل مسائل لا يمكن أنْ يُعملَ فيها بقولٍ يجمعٌ عليه ، لكن ولله الحمد القول الصحيح عليه دلائل شرعية تبين الحق .
ومن ذلك فسخ الحج إلى العمرة ، فإن الحج الذي اتفق الأمة على جوازه أن يُهِل متمتعاٍ يُحْرِمِ بِعُمرةٍ إبتداء ، ويُهِل قارناً وقد ساق الهدى ، فأما إن أفرِد أو قرن ولم يسق الهدى ففي حجه نزاع بينَ السلفِ والخلف .
والمقصود هنا القراءة خلف الإمام فنقول : إذا جهر الإمام استمع لقراءته ، فإن كان لا يسمع لبعده فإنه يقرأ في أصح القولين ، وهو قول أحمد وغيره ، وإن كان لا يسمع لصمه ، أو كان يسمع همهمة الإمام ولا يفقه ما يقول : ففيه قولان في مذهب أحمدٍ ، وغيرِهِ .
والأظهر أنه يقرأ ؛ لأن الأفضل أن يكون إما مستمعاً ، وإما قارئا ، وهذا ليس بمستمع ، ولا يحصل له مقصود السماع ، فقراءته أفضل من سكوتِهِ ، فنذكر الدليل على الفصلين . على أنّه في حال الجهرِ يسْتمع ، وأنه في حال المخافتة يقرأ .
فالدليل على الأول الكتاب والسنة والاعتبار :
( أما الأول ) فإنه تعالى قال: ﴿ وَ إِذَا قُرِىءَ القُرآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ( الأعراف : ٢٠٤ ) وقد استفاض عن السلف أنها نزلت في القراءة في الصلاة ، وقال بعضهم في الخطبة ، وذكر أحمد بن حنبل