هذا أحد عنه ، بل ثبت عنه في الصحيح سكوته بعد التكبير للاستفتاح (١) ، وفي السنن (٢) (( أنه كان له سكتتان : سكتة أول القراءة ، وسكتة بعد الفراغ من القراءة ، وهي سكتة لطيفة للفصل لا تتسع لقراءة الفاتحة . وقد روى أن هذه السكتة كانت بعد الفاتحة ، ولم يقل أحد إنه كان له ثلاث سكتات . ولا أربع سكتات ، فمن نقل عن النبي ﷺ ثلاث سكتات أو أربع فقد قال قولا لم ينقله عن أحد من المسلمين ، والسكتة التي عقب قوله : ( ولا الضَّالِين ) من جنس السكتات التي عند رؤوس الآي ومثل هذا لا يسمى سكوتاً ؛ ولهذا لم يقل أحد من العلماء إنه يقرأ في مثل هذا .
وكان بعض من أدركنا من أصحابنا يقرأ عقب السكوت عند رؤوس الآي . فإذا قال الإمام ﴿الحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ﴾ قال: ﴿الحمدُ للهِ ربّ العالِمِين﴾ وإذا قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ قال: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ وهذا لم يقله أحد من العلماء .
وقد اختلف العلماء في سكوت الإمام على ثلاثة أقوال : فقيل :
لا سكوت في الصلاة بحال ، وهو قول مالك .
وقيل : فيها سكتة واحدة للاستفتاح ، كقول أبي حنيفة
وقيل : فيها سكتتان ، وهو قول الشافعي ، وأحمد ، وغيرهما لحديث سمرة بن جندب: ((إن رسول الله ﷺ كان له سكتتان: سكتة حين يفتتح الصلاة ، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية. قبل أن يركع )) فذكر ذلك لعمران بن حصين ، فقال : كذب سمرة . فكتب في ذلك إلى المدينة إلى أبي بن كعب ،
(١) أخرجه البخاري (٢ / ٢٢٧) ومسلم (٢ / ٩٨) وأبو داود (٧٨١) والنسائي (٢ / ١٢٨ - ١٢٩) والدارمي (١٢٤٧) والبغوي في شرح السنة (٥٧٤) والبخاري في جزء القراءة (٢٨٠، ٢٨١)، (٣٥) وابن خزيمة (١٥٧٩) .
(٢) سيذكره المؤلف بعد ذلك .