Al-Hisbah - University of Madinah
الحسبة - جامعة المدينة
Daabacaha
جامعة المدينة العالمية
Noocyada
الفضل والمنزلة، وحصلت منه بسبب تساهله أيضًا، كأن يكون ترك مندوبًا ونحوه.
وفي مثل هذا روى ابن عمر ﵄: "أن عمر بن الخطاب ﵁ بينما هو يخطب الناس يوم الجمعة دخل رجل من أصحاب رسول الله ﷺ فناداه عمر: أي ساعة هذه؟ فقال: إني شغلت اليوم فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت النداء، فلم أزد على أن توضأت. فقال عمر: والوضوء أيضًا، وقد علمت أن رسول الله ﷺ كان يأمر بالغسل".
ثالثًا: الهجر: كأن يرى المُحتسب أن يهجر فاعل المنكر مدة من الزمن، ويأمر أعوانه وغلمانه، ومن يعرفهم من أهل الخير بمقاطعته، وعدم التعامل معه إذا كان من التجار أو الصناع أو الزراع وأهل الحرف، كأن يكون هناك صانع، أو تاجر اشتهر بالغش والتحايل، ونصح وبذلت معه وسائل أقل من وسائل التعزير، فلم تنفع معه، فللمحتسب أن يستخدم معه وسيلة الهجر؛ لعلها تمنع ما هو أشد منها من وسائل التعزير الأخرى، وترجعه إلى صوابه، وهو أسلوب تعزيري جاءت به النصوص الشرعية.
فقد قال الله ﷿ في شأن الزوجة الناشز: ﴿وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ﴾ (النساء: ٣٤)، وكذلك قصة هجر الرسول ﷺ للثلاثة الذين تخلفوا عن الخروج معه إلى غزوة تبوك، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية. وأمره ﷺ لصحابته بمقاطعتهم وهجرهم إلى أن تاب الله عليهم بعد مرور خمسين ليلة، وفيهم يقول الله تعالى: ﴿وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾ (التوبة: ١١٨).
1 / 114