35

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Daabacaha

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٣هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

من أن يقولوا ما لا يفعلون، رحمةً بهم، وفضلًا منه وإحسانًا، فقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ﴾ [الصف: ٢ - ٣] (١). وحذرهم عن كتمان العلم، وأمرهم بتبليغه للبشرية على حسب الطاقة والجهد، وعلى حسب العلم الذي أعطاهم الله ﷿ لا يُكلفّ الله نفسا إلا وسعها، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ﴾ [البقرة: ١٥٩] (٢). وهذه الآية، وإن كانت نازلة في أهل الكتاب وما كتموه من شأن الرسول ﷺ وصفاته، فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله من البينات الدالات على الحق، المظهرات له، والعلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم، ويتبين به طريق أهل النعيم من طريق أهل الجحيم، ومن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين: كَتْم ما أنزل الله، والغش لعباد الله، لعنه الله، ولعنه جميع الخليقة؛ لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم، وإبعادهم عن رحمة الله، فجُوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير يستغفر له كل شيء حتى الحوت في الماء، والطير في الهواء؛ لسعيه في مصلحة الخلق وإصلاح أديانهم؛ ولأنه قربهم من رحمة الله، فَجوزيَ من جنس عمله (٣).

(١) سورة الصف، الآيتان ٢، ٣. (٢) سورة البقرة، الآية ١٥٩. (٣) انظر: تفسير عبد الرحمن بن ناصر السعدي ١/ ١٨٦، وتفسير البغوي ١/ ١٣٤، وابن كثير ١/ ٢٠٠.

1 / 47