لهم بالهداية والغفران، وعذرهم في جناياتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون (١) قال ﷺ: «اشتد غضب الله على قوم فعلوا هذا برسول الله ﷺ "، وهو حينئذ يشير إلى رباعيته، "اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله ﷿» (٢).
وفي إصابة النبي ﷺ يوم أحد عزاء للدعاة فيما ينالهم في سبيل الله من أذى في أجسامهم، أو اضطهاد لحرياتهم، أو قضاء على حياتهم، فالنبي ﷺ هو القدوة قد أوذي وصبر (٣).
٣ - ومن مواقفه التي تزخر بالحكمة والشجاعة ما فعله في معركة حنين: بعد أن دارت معركة حنين والتقى المسلمون والكفار، ولَّى المسلمون مدبرين (٤) فطفق رسول الله ﷺ يركض بغلته قِبَلَ الكفار. . . ثم قال: "أي عباس، ناد أصحاب السمرة" فقال عباس: - وكان رجلًا صيتًا- فقلت بأعلى صوتي: أين أصحاب السمرة؟ قال: فوالله لكأن عَطْفَتهم حين سمعوا صوتي عَطْفَة البقر على أولادها، فقالوا: يا لبيك، يا لبيك، قال: فاقتتلوا والكفار. . . فنظر رسول الله ﷺ وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال ﷺ: "الآن حمي الوطيس " (٥).
(١) شرح النووي على مسلم١٢/ ١٥٠ بتصرف.
(٢) البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب ما أصاب النبي ﷺ من الجراح يوم أحد ٧/ ٣٧٢، ومسلم، كتاب الجهاد، باب اشتداد كضب الله على من قتله رسول الله ٣/ ٩٤١٧.
(٣) السيرة النبوية دروس وعبر، ص١١٦.
(٤) كان مع النبي ﷺ في هذه الغزوة ألفان منِ أهل مكة مع عشرة آلاف من أصحابه الذين خرجوا معه من المدينة ففتح بهم، وكانوا اثني عشر ألفًا. انظر: زاد المعاد ٣/ ٤٦٨.
(٥) مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، وقد اختصرت ألفاظه ٣/ ١٣٩٨.