Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

Sa'id bin Wahf al-Qahtani d. 1440 AH
147

Al-Hikmah fi Al-Da'wah ila Allah Ta'ala

الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

Daabacaha

وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٣هـ

Goobta Daabacaadda

المملكة العربية السعودية

Noocyada

١ - بناء المسجد والاجتماع فيه أولى عمل وحد بين القلوب: كان أول عمل قام به ﷺ في الإصلاح والتأسيس بناء المسجد النبوي، واشترك المسلمون جميعًا في البناء، وعلى رأسهم إمامهم محمد ﷺ، وكان أول عمل تعاوني عام، وحد بين القلوب، وأظهر الهدف العام للعمل، وقد كان لكل حي في المدينة - قبل قدوم النبي ﷺ مكان يلتقون فيه، فيسمرون ويسهرون، وينشدون الأشعار، فكانت هذه الحال تدل على التفرقة والاختلاف، فعندما بُنيَ المسجد كان مركز المسلمين جميعًا، ومكان تجمعهم، يلتقون به في كل وقت، ويسألون رسول الله ﷺ فيعلمهم ويرشدهم ويوجههم (١). وبهذا تجمعت الأندية، والتفَّت الأحياء، واقتربت القبائل، وتحابَّت البطون، وانقلبت التفرقة إلى وحدة، ولم تعد في المدينة جماعات، بل جماعة واحدة، ولم تعد زعامات، بل قائد واحد، هو رسول الله ﷺ، يتلقى من ربه الأوامر والنواهي، ويعلم أمته، فأصبح المسلمون صفًّا واحدًا، وامتزجت النفوس والعقليات، وتقوت الوحدة، وتآلفت الأرواح، وتعاونت الأجسام (٢). ولم يكن المسجد موضعًا لأداء الصلوات الخمس فحسب، بل كان جامعة يتلقى فيها المسلمون تعاليم الإسلام وتوجيهاته، ويجتمعون فيه، وتلتقي فيه العناصر القبلية المختلفة التي طالما نافرت بينها النزعات الجاهلية وحروبها وقاعدة لِإدارة جميع الشئون، وبثّ الانطلاقات، وموضعًا لعقد المجالس الاستشارية والتنفيذية.

(١) انظر. البخاري مع الفتح، كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة النبي ﷺ وأصحابه ٧/ ٢٣٩، ٢٤٠. (٢) انظر. التاريخ الإسلامي لمحمود شاكر٢/ ١٦١، ١٦٢، والرحيق المختوم ص ١٧٩.

1 / 163