79

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
فَزَعَمَتِ الْأَوَائِلُ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّ الْحَسَنَ وَالْقَبِيحَ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِصِفَةٍ مُوجِبَةٍ لِحُسْنِهِ وَقُبْحِهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَ ذَلِكَ كَالْجُبَّائِيَّةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ وَأَوْجَبَ ذَلِكَ فِي الْقَبِيحِ دُونَ الْحَسَنِ، وَنَشَأَ بَيْنَهُمْ بِسَبَبِ هَذَا الِاخْتِلَافِ اخْتِلَافٌ فِي الْعِبَارَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعْنَى الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ، أَوْمَأْنَا إِلَيْهَا وَإِلَى مُنَاقَضَتِهِمْ فِيهَا فِي عِلْمِ الْكَلَامِ.
وَقَدِ احْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِحُجَجٍ:
الْأُولَى: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْكَذِبُ قَبِيحًا لِذَاتِهِ لَلَزِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا قَالَ: إِنْ بَقِيَتْ سَاعَةٌ أُخْرَى كَذَبْتُ؛ أَنْ يَكُونَ الْحَسَنُ مِنْهُ فِي السَّاعَةِ الْأُخْرَى الصِّدْقَ أَوِ الْكَذِبَ، وَالْأَوَّلُ مُمْتَنِعٌ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ كَذِبِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَبِيحٌ، وَمَا لَزِمَ مِنْهُ الْقَبِيحُ فَهُوَ قَبِيحٌ، فَلَمْ يَبْقَ غَيْرُ الثَّانِي وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
الثَّانِيَةُ: لَوْ كَانَ قُبْحُ الْخَبَرِ الْكَاذِبِ ذَاتِيًّا، فَإِذَا قَالَ الْقَائِلُ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا، فَالْمُقْتَضِي لِقُبْحِهِ: إِمَّا نَفْسُ ذَلِكَ اللَّفْظِ، وَإِمَّا عَدَمُ الْمُخْبَرِ عَنْهُ، وَإِمَّا مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ، وَإِمَّا أَمْرٌ خَارِجٌ. الْأَوَّلُ: يَلْزَمُهُ قُبْحُ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَالثَّانِي: يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَدَمُ عِلَّةً لِلْأَمْرِ الثُّبُوتِيِّ، وَالثَّالِثُ: يَلْزَمُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَدَمُ جُزْءَ عِلَّةِ الْأَمْرِ الثُّبُوتِيِّ، وَالْكُلُّ مُحَالٌ (١)، وَإِنْ كَانَ الرَّابِعُ فَذَلِكَ الْمُقْتَضِي الْخَارِجُ: إِمَّا لَازِمٌ لِلْخَبَرِ الْمَفْرُوضِ، وَإِمَّا غَيْرُ لَازِمٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِنْ كَانَ لَازِمًا لِنَفْسِ اللَّفْظِ لَزِمَ قُبْحُهُ وَإِنْ كَانَ صَادِقًا، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لِعَدَمِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ أَوْ لِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ، كَانَ الْعَدَمُ مُؤَثِّرًا فِي الْأَمْرِ الثُّبُوتِيِّ وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَادَ التَّقْسِيمُ فِي ذَلِكَ الْخَارِجِ وَهُوَ تَسَلْسُلٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُقْتَضِي

(١) سَيَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ مِنْ مَسَائِلِ شُرُوطِ عِلَّةِ الْأَصْلِ فِي بَابِ الْقِيَاسِ أَنَّ تَعْلِيلَ الثُّبُوتِيِّ بِالْعَدَمِيِّ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَأَنَّ الْعَدَمَ الْمَحْضَ هُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ عِلَّةً لِلْحُكْمِ الثُّبُوتِيِّ.

1 / 81