377

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
[الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ قول الصَّحَابِيُّ أُمِرْنَا بِكَذَا أَوْ نُهِيْنَا عَنْ كَذَا]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ
إِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ: أُمِرْنَا بِكَذَا أَوْ نُهِيْنَا عَنْ كَذَا، وَأُوْجِبَ عَلَيْنَا كَذَا وَحُرِّمَ عَلَيْنَا كَذَا، أَوْ أُبِيحَ لَنَا كَذَا، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ يَجِبُ إِضَافَةُ ذَلِكَ إِلَى النَّبِيِّ ﵇.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ وَالْكَرْخِيُّ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ إِلَى الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ، مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَ كَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى النَّبِيِّ ﵇، وَبَيْنَ كَوْنِهِ مُضَافًا إِلَى أَمْرِ الْكِتَابِ أَوِ الْأُمَّةِ، أَوْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَدْ قَالَ ذَلِكَ عَنِ الِاسْتِنْبَاطِ وَالْقِيَاسِ، وَأَضَافَهُ إِلَى صَاحِبِ الشَّرْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مُوجَبَ الْقِيَاسِ مَأْمُورٌ بِاتِّبَاعِهِ مِنَ الشَّارِعِ.
وَإِذَا احْتَمَلَ وَاحْتَمَلَ، لَا يَكُونُ مُضَافًا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بَلْ وَلَا يَكُونُ حُجَّةً.
وَالظَّاهِرُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى جَمَاعَةٍ وَهُمْ بِصَدَدِ امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَنَوَاهِيِهِ، فَإِذَا قَالَ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ: أُمِرْنَا بِكَذَا، وَنُهِيْنَا عَنْ كَذَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَمْرَ ذَلِكَ الْمُقَدَّمِ وَنَهْيَهُ، وَالصَّحَابَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ عَلَى هَذَا النَّحْوِ.
فَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ مِنْهُمْ: أُمِرْنَا أَوْ نُهِيْنَا كَانَ الظَّاهِرُ مِنْهُ أَمْرَ النَّبِيِّ ﷺ وَنَهْيَهُ، وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى أَمْرِ الْكِتَابِ وَنَهْيِهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَكَانَ ظَاهِرًا لِلْكُلِّ، فَلَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ، وَلَا عَلَى أَمْرِ الْأُمَّةِ وَنَهْيِهَا ; لِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ أُمِرْنَا وَنُهِينَا قَوْلُ الْأُمَّةِ، وَهُمْ لَا يَأْمُرُونَ وَيَنْهَوْنَ أَنْفُسَهُمْ، وَلَا عَلَى أَمْرِ الْوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذْ لَيْسَ أَمْرُ الْبَعْضِ لِلْبَعْضِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.
كَيْفَ وَإِنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الصَّحَابِيِّ أَنَّهُ إِنَّمَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ تَعْرِيفَ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ ثَابِتًا بِأَمْرِ الْوَاحِدِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَنَهْيِهِ، وَلَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى مَا قِيلَ مِنَ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِنْبَاطِ لِوَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ أُمِرْنَا وَنُهِيْنَا خِطَابٌ مَعَ الْجَمَاعَةِ، وَمَا ظَهَرَ لِبَعْضِ الْمُجْتَهِدِينَ مِنَ الْقِيَاسِ وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ حُكْمِهِ، فَذَلِكَ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْأَمْرِ بِاتِّبَاعِ مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ ذَلِكَ الْقِيَاسُ.
الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ أُمِرْنَا وَنُهِيْنَا بِكَذَا عَنْ كَذَا إِنَّمَا يُفْهَمُ مِنْهُ مُطْلَقُ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، لَا الْأَمْرُ بِاتِّبَاعِ حُكْمِ الْقِيَاسِ.

2 / 97