Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Daabacaha
المكتب الإسلامي
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
(دمشق - بيروت)
Noocyada
Usulul Fiqh
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِأَنَّ كُلَّ مَنْ قَاتَلَ عَلِيًّا عَالِمًا مِنْهُمْ، فَهُوَ فَاسِقٌ مَرْدُودُ الرِّوَايَةِ وَالشَّهَادَةِ، لِخُرُوجِهِمْ عَنِ الْإِمَامِ الْحَقِّ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِرَدِّ رِوَايَةِ الْكُلِّ وَشَهَادَتِهِمْ ; لِأَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ فَاسِقٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ وَلَا مُعَيَّنٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ رِوَايَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشَهَادَتِهِ إِذَا انْفَرَدَ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ الْعَدَالَةُ، وَقَدْ شَكَكْنَا فِي فِسْقِهِ، وَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ مَعَ مُخَالَفَةِ غَيْرِهِ لِتَحَقُّقِ فِسْقِ أَحَدِهِمَا مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ.
وَالْمُخْتَارُ إِنَّمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَذَلِكَ بِمَا تَحَقَّقَ مِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَالَتِهِمْ وَنَزَاهَتِهِمْ وَتَخْيِيرِهِمْ عَلَى مَنْ بَعْدَهُمْ.
فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا﴾ أَيْ عُدُولًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ وَهُوَ خِطَابٌ مَعَ الصَّحَابَةِ الْمَوْجُودِينَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ ﷺ: " «أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ بِأَيِّهِمُ اقْتَدَيْتُمُ اهْتَدَيْتُمْ» " (١) وَالِاهْتِدَاءُ بِغَيْرِ عَدْلٍ مُحَالٌ.
وَقَوْلُهُ ﷺ: " «إِنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لِي أَصْحَابًا وَأَصْهَارًا وَأَنْصَارًا» " (٢) وَاخْتِيَارُ اللَّهِ تَعَالَى لَا يَكُونُ لِمَنْ لَيْسَ بِعَدْلٍ.
وَمِنْهَا مَا ظَهَرَ وَاشْتُهِرَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الَّذِي لَا مِرَاءَ فِيهِ مِنْ مُنَاصَرَتِهِمْ لِلرَّسُولِ وَالْهِجْرَةِ إِلَيْهِ، وَالْجِهَادِ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى أُمُورِ الدِّينِ، وَإِقَامَةِ الْقَوَانِينِ، وَالتَّشَدُّدِ فِي امْتِثَالِ أَوَامِرِ الشَّرْعِ وَنَوَاهِيهِ، وَالْقِيَامِ بِحُدُودِهِ وَمَرَاسِيمِهِ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَتَلُوا الْأَهْلَ وَالْأَوْلَادَ حَتَّى قَامَ الدِّينُ وَاسْتَقَامَ، وَلَا أَدَلَّ عَلَى الْعَدَالَةِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ.
وَعِنْدَ ذَلِكَ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُحْمَلَ كُلُّ مَا جَرَى بَيْنَهُمْ مِنَ الْفِتَنِ عَلَى أَحْسَنِ حَالٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُ كُلِّ فَرِيقٍ مِنِ اعْتِقَادِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ أَوْفَقُ لِلدِّينِ وَأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ.
وَعَلَى هَذَا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبًا أَوْ أَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ وَالْآخَرُ مُخْطِئٌ فِي اجْتِهَادِهِ.
(١) انْظُرْ مَا سَبَقَ تَعْلِيقًا ص ٢٣٢ ج١.
(٢) قَالَ أَبُو الْفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ الْمَقْدِسِيُّ فِي تَذْكِرَةِ الْمَوْضُوعَاتِ: حَدِيثُ (إِنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ لِي أَصْحَابًا وَأَنْصَارًا) فِيهِ ابْنُ عُبَيْدٍ، وَقَالَ: قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَالْحَدِيثُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ
2 / 91