325

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

1402 AH

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
وَأَمَّا تَثْنِيَةُ الْإِقَامَةِ وَإِفْرَادُهَا، فَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ كَانَ يُفْرِدُ تَارَةً، وَيُثَنِّي أُخْرَى، فَنَقَلَ كُلٌّ بَعْضَ مَا سَمِعَهُ، وَأَهْمَلَ الْبَاقِيَ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ مِنَ الْفُرُوعِ الْمُتَسَامَحِ فِيهَا، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الْجَهْرِ بِالتَّسْمِيَةِ وَرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الصَّلَاةِ.
وَأَمَّا إِفْرَادُ النَّبِيِّ وَقِرَانُهُ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّمَا نَقَلَهُ الْآحَادُ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَجِبُ ظُهُورُهُ وَمُنَادَاةُ النَّبِيِّ ﷺ بِهِ (١) .
وَأَمَّا نِكَاحُهُ مَيْمُونَةَ، وَهُوَ حَرَامٌ، فَلَيْسَ ذَلِكَ أَيْضًا مِمَّا يَجِبُ إِظْهَارُهُ، بَلْ جَازَ أَنْ يَكُونَ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ جَمَاعَةٍ يَسِيرَةٍ، فَلِذَلِكَ انْفَرَدَ بِهِ الْآحَادُ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنْ قَبُولِ شَهَادَةِ الْأَعْرَابِيِّ وَحْدَهُ.
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ هل يجوز التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ جَوَازُ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ عَقْلًا، خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ (٢) وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ.
وَدَلِيلُ جَوَازِهِ عَقْلًا: أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا وُرُودَ الشَّارِعِ بِالتَّعَبُّدِ بِالْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ لِذَاتِهِ مُحَالٌ فِي الْعَقْلِ، وَلَا مَعْنًى لِلْجَائِزِ الْعَقْلِيِّ سِوَى ذَلِكَ.
وَغَايَةُ مَا يُقَدَّرُ فِي اتِّبَاعِهِ احْتِمَالُ كَوْنِهِ كَاذِبًا أَوْ مُخْطِئًا.
وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّعَبُّدِ بِهِ، بِدَلِيلِ اتِّفَاقِنَا عَلَى التَّعَبُّدِ بِالْعَمَلِ بِقَوْلِ الْمُفْتِي، وَالْعَمَلِ بِقَوْلِ الشَّاهِدَيْنِ، مَعَ احْتِمَالِ الْكَذِبِ وَالْخَطَأِ عَلَى الْمُفْتِي وَالشَّاهِدِ فِيمَا أَخْبَرَا بِهِ.
فَإِنْ قِيلَ: وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَوْ وَرَدَ الشَّرْعُ بِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ عَنْهُ لِذَاتِهِ مُحَالٌ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مُحَالًا لِذَاتِهِ عَقْلًا، لَكِنَّهُ مُحَالٌ عَقْلًا بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ ذَاتِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ

(١) يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ كُلًّا مِنَ الْإِفْرَادِ وَالتَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ - وَهِيَ خَفِيَّةٌ - يَتَعَلَّقُ بِالتَّلْبِيَةِ وَهِيَ مِمَّا يُجْهَرُ بِهِ مِنْ أَذْكَارِ الْحَجِّ. يَتَبَيَّنُ ذَلِكَ مِنْ صِفَةِ حَجَّتِهِ ﷺ، وَمِنِ احْتِجَاجِ كُلِّ طَائِفَةٍ بِطَرَفٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ نُقِلَتْ تَفَاصِيلُهُ آحَادًا مَعَ قَوْلِهِ ﷺ: " خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ " وَمِمَّا تَقَدَّمَ يَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ نُقِلَ أَحْيَانًا آحَادًا، وَأَحْيَانًا اسْتِفَاضَةً أَوْ تَوَاتُرًا مَعَ صِحَّةِ الْعَمَلِ بِالْجَمِيعِ وَالِاحْتِجَاجِ بِهِ.
(٢) تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ تَعْلِيقًا ص ١٧١ ج ١.

2 / 45