Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Daabacaha
المكتب الإسلامي
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
1402 AH
Goobta Daabacaadda
(دمشق - بيروت)
Noocyada
Usulul Fiqh
الْحُجَّةُ الرَّابِعَةُ: أَنَّهُ لَوْ حَصَلَ الْعِلْمُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ بِمُجَرَّدِهِ لَوَجَبَ تَخْطِئَةُ مُخَالِفِهِ بِالِاجْتِهَادِ وَتَفْسِيقُهُ وَتَبْدِيعُهُ، إِنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يُبَدَّعُ بِمُخَالَفَتِهِ، وَيُفَسَّقُ، وَلَكَانَ مِمَّا يَصِحُّ مُعَارَضَتُهُ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ، وَأَنْ يَمْتَنِعَ التَّشْكِيكُ بِمَا يُعَارِضُهُ كَمَا فِي خَبَرِ التَّوَاتُرِ، وَكُلُّ ذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ (١) .
فَإِنْ قِيلَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مُعَارِضٌ بِالنَّصِّ وَالْمَعْقُولِ وَالْأَثَرِ.
أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ نَهَى عَنِ اتِّبَاعِ غَيْرِ الْعِلْمِ، وَقَدْ أَجْمَعْنَا عَلَى جَوَازِ اتِّبَاعِ خَبَرِ الْوَاحِدِ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ وَلُزُومِ الْعِلْمِ بِهِ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ لَكَانَ الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدًا عَلَى مُخَالَفَةِ النَّصِّ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَمَّ عَلَى اتِّبَاعِ الظَّنِّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ﴾، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا﴾ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ؛ بَلْ لِلظَّنِّ، لَكُنَّا مَذْمُومِينَ عَلَى اتِّبَاعِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْمَعْقُولِ، فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَبَرُ الْوَاحِدِ مُفِيدًا لِلْعِلْمِ لِمَا أَوْجَبَهُ، وَإِنْ كَثُرَ الْعَدَدُ إِلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ عَلَى الْأَوَّلِ جَازَ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ خَبَرُهُ مُوجِبًا لِلْعِلْمِ، لَمَا أُبِيحَ قَتْلُ الْمُقِرِّ بِالْقَتْلِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا بِشَهَادَةِ اثْنَيْنِ عَلَيْهِ. وَلَمَا وَجَبَتِ الْحُدُودُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ؛ لِكَوْنِ ذَلِكَ قَاضِيًا عَلَى دَلِيلِ الْعَقْلِ وَبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.
(١) قَدْ يُقَالُ: تَلْتَزِمُ تَخْطِئَةُ الْمُخَالِفِ وَنَعْذُرُهُ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ، وَنُفَسِّقُهُ وَنُبَدِّعُهُ بَعْدَ الْبَلَاغِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ فِيمَا يُفَسَّقُ أَوْ يُبَدَّعُ بِمِثْلِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَصِحَّ مُعَارَضَتُهُ بِالْمُتَوَاتِرِ لِتَفَاوُتِهِمَا فِي الْعِلْمِ، فَيُقَدَّمُ الْمُتَوَاتِرُ لِزِيَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَبِهَذَا يُعْرَفُ الْجَوَابُ عَنِ الْبَاقِي.
2 / 35