Ihkam Fi Usul Ahkam
الإحكام في أصول الأحكام
Daabacaha
المكتب الإسلامي
Lambarka Daabacaadda
الثانية
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٢ هـ
Goobta Daabacaadda
(دمشق - بيروت)
Noocyada
Usulul Fiqh
الْمُخَالَفَةَ فِي وَقْتٍ آخَرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِي مُهْلَةِ النَّظَرِ، وَقَدْ ظَهَرَ لَهُ الدَّلِيلُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدُلُّ عَلَى ظُهُورِ هَذَا الِاحْتِمَالِ إِظْهَارُهُ لِلْمُخَالَفَةِ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ سُكُوتُهُ عَنْ مُوَافَقَةٍ وَدَلِيلٍ لَكَانَ الظَّاهِرُ عَدَمَ مُخَالَفَتِهِ لِذَلِكَ الدَّلِيلِ.
وَأَمَّا إِنْ حَدَّثَ تَابِعِيٌّ مُخَالِفٌ مَعَ إِصْرَارِ الْبَاقِينَ عَلَى السُّكُوتِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمُخَالَفَتِهِ فِي مُقَابَلَةِ الْإِجْمَاعِ الظَّاهِرِ.
احْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِالنَّصِّ وَالْآثَارِ وَالْمَعْقُولِ، أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ وَوَجْهُ الدَّلَالَةِ أَنَّهُ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى النَّاسِ، وَمَنْ جَعَلَ إِجْمَاعَهُمْ مَانِعًا لَهُمْ مِنَ الرُّجُوعِ فَقَدْ جَعَلَهُمْ حُجَّةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ.
وَأَمَّا الْآثَارُ فَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ﵇ أَنَّهُ قَالَ: اتَّفَقَ رَأْيِي وَرَأْيُ عُمَرَ عَلَى أَنْ لَا تُبَاعَ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ، وَالْآنَ فَقَدْ رَأَيْتُ بَيْعَهُنَّ - أَظْهَرَ الْخِلَافَ بَعْدَ الْوِفَاقِ - وَدَلِيلُهُ قَوْلُ عَبِيدَةَ السَّلْمَانِيِّ: رَأْيُكُ مَعَ الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ، وَقَوْلُ عَبِيدَةَ دَلِيلُ سَبْقِ الْإِجْمَاعِ.
وَمِنْهَا أَنَّ عُمَرَ خَالَفَ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحَابَةِ فِي زَمَانِهِ مِنَ التَّسْوِيَةِ فِي الْقَسْمِ، وَأَقَرَّهُ الصَّحَابَةُ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ.
وَمِنْهَا أَنَّ عُمَرَ حَدَّ الشَّارِبَ ثَمَانِينَ، وَخَالَفَ مَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ وَالصَّحَابَةُ عَلَيْهِ مِنَ الْحَدِّ أَرْبَعِينَ.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ ; فَمِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ إِجْمَاعَهُمْ رُبَّمَا كَانَ عَنِ اجْتِهَادٍ وَظَنٍّ، وَلَا حَجْرَ عَلَى الْمُجْتَهِدِ إِذَا تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ، وَإِلَّا كَانَ الِاجْتِهَادُ مَانِعًا مِنَ الِاجْتِهَادِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِأَنَّ الرَّأْيَ وَالنَّظَرَ عِنْدَ الْمُرَاجَعَةِ وَتَكَرُّرِ النَّظَرِ يَكُونُ أَوْضَحَ وَأَصَحَّ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ﴾، جَعَلُوا بَادِيَ الرَّأْيِ ذَمًّا وَطَعْنًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُحَكِّمًا عَلَى الرَّأْيِ الثَّانِي.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْتَبَرِ الْمُخَالَفَةُ فِي عَصْرِهِمْ لَبَطَلَ مَذْهَبُ الْمُخَالِفِ لَهُمْ فِي عَصْرِهِمْ بِمَوْتِهِ ; لِأَنَّ مَنْ بَقِيَ بَعْدَهُ كُلُّ الْأُمَّةِ، وَذَلِكَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
1 / 258