207

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٢ هـ

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
كَيْفَ وَأَنَّ الْآيَةَ دَالَّةٌ عَلَى الْوَعِيدِ بِاتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَعِنْدَهُمُ التَّوَعُّدُ إِنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْإِمَامِ وَحْدَهُ دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. قَوْلُهُمْ: سَلَّمْنَا وُجُوبَ اتِّبَاعِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ لَكِنْ إِذَا عُلِمَ أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ قُلْنَا: الْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ الْحَثُّ عَلَى مُتَابَعَةِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ وَالزَّجْرُ عَنْ مُخَالَفَتِهِ فَإِنْ كَانَ سَبِيلُهُمْ مَعْلُومًا فَلَا إِشْكَالَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا فَالتَّكْلِيفُ بِاتِّبَاعِ مَا لَا يَكُونُ مَعْلُومًا إِمَّا أَنْ لَا يُكْتَفَى فِيهِ بِالظَّنِّ أَوْ يُكْتَفَى فِيهِ بِالظَّنِّ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُعَارَضَةِ بِالْآيَةِ الْأُولَى، فَلَيْسَ فِي بَيَانِ كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً مُتَّبَعَةً بِالْآيَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا (١) مَا يُنَافِي كَوْنَ الْكِتَابِ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَأَصْلًا لَهُ، (٢) وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّانِيَةُ فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّهَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الرَّدِّ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ فِي كُلِّ مُتَنَازَعٍ فِيهِ، وَكَوْنُ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً مُتَّبَعَةً مِمَّا وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ، وَقَدْ رَدَدْنَاهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حَيْثُ أَثْبَتْنَاهُ بِالْقُرْآنِ، وَهُمْ مُخَالِفُونَ فِي ذَلِكَ (٣) . وَأَمَّا الْآيَةُ الثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ النَّهْيَ فِيهِمَا رَاجِعٌ إِلَى اجْتِمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى مَا نُهُوا عَنْهُ بَلْ هُوَ رَاجِعٌ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْمَعْصِيَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَوَازُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ. سَلَّمْنَا أَنَّ النَّهْيَ لِجُمْلَةِ الْأُمَّةِ عَنِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، وَلَكِنْ غَايَةُ ذَلِكَ جَوَازُ وُقُوعِهَا مِنْهُمْ عَقْلًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْجَوَازِ الْوُقُوعُ. وَلِهَذَا فَإِنَّ النَّبِيَّ ﵇ قَدْ نُهِيَ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾، وَقَالَ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ إِذْ وَرَدَ ذَلِكَ فِي مَعْرِضِ النَّهْيِ مَعَ الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ مَعْصُومًا مِنْ ذَلِكَ.

(١) صَوَابُهُ: ذَكَرْنَاهَا. (٢) إِذْ هُوَ حُجَّةٌ مُصَدَّقَةٌ لِمَا اسْتَنَدَتْ إِلَيْهِ، وَتَفَرَّعَتْ عَنْهُ مِنَ الْكِتَابِ، أَوِ السُّنَّةِ فَيَكُونُ مِنْ تَظَافُرِ الْأَدِلَّةِ. (٣) وَأَيْضًا سَيَأْتِي بَيَانُ وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى حُجِّيَّةِ الْإِجْمَاعِ.

1 / 209