184

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٢ هـ

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ النَّبِيُّ ﵇ مُتَأَسًّى بِهِ فِي فِعْلِهِ وَمُتَّبَعٌ] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ إِذَا فَعَلَ النَّبِيُّ ﵇ فِعْلًا وَلَمْ يَكُنْ بَيَانًا لِخِطَابٍ سَابِقٍ، وَلَا قَامَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّهِ، وَعُلِمَتْ لَنَا صِفَتُهُ مِنَ الْوُجُوبِ أَوِ النَّدْبِ أَوِ الْإِبَاحَةِ إِمَّا بِنَصِّهِ ﵇ عَلَى ذَلِكَ وَتَعْرِيفِهِ لَنَا أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَدِلَّةِ، فَمُعْظَمُ الْأَئِمَّةِ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّنَا مُتَعَبَّدُونَ بِالتَّأَسِّي بِهِ فِي فِعْلِهِ وَاجِبًا كَانَ أَوْ مَنْدُوبًا أَوْ مُبَاحًا. وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ كَأَبِي عَلِيِّ بْنِ خَلَّادٍ، وَقَالَ بِالتَّأَسِّي فِي الْعِبَادَاتِ دُونَ غَيْرِهَا. وَالْمُخْتَارُ إِنَّمَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْجُمْهُورِيُّ وَدَلِيلُهُ النَّصُّ وَالْإِجْمَاعُ. أَمَّا النَّصُّ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا﴾، وَلَوْلَا أَنَّهُ مُتَأَسًّى بِهِ فِي فِعْلِهِ وَمُتَّبَعٌ، لَمَا كَانَ لِلْآيَةِ مَعْنًى، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ هَاهُنَا. وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي﴾ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّهُ جَعَلَ الْمُتَابَعَةَ لَهُ لَازِمَةً مِنْ مَحَبَّةِ اللَّهِ الْوَاجِبَةِ، فَلَوْ لَمْ تَكُنِ الْمُتَابَعَةُ لَهُ لَازِمَةً لَزِمَ مِنْ عَدَمِهَا عَدَمُ الْمَحَبَّةِ الْوَاجِبَةِ وَذَلِكَ حَرَامٌ بِالْإِجْمَاعِ (١) . وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ﴾، وَوَجْهُ الِاحْتِجَاجِ بِهِ أَنَّهُ جَعَلَ التَّأَسِّيَ بِالنَّبِيِّ ﵇ مِنْ لَوَازِمِ رَجَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْيَوْمِ الْآخِرِ. وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ التَّأَسِّي عَدَمُ الْمَلْزُومِ، وَهُوَ الرَّجَاءُ لِلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَذَلِكَ كُفْرٌ. وَالْمُتَابَعَةُ وَالتَّأَسِّي فِي الْفِعْلِ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ: هُوَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ فَعَلَ.

(١) انْظُرْ ص ١٧٩ مِنَ الْأَصْلِ، وَقَارِنْ بَيْنَ بَيَانِهِ لِوَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ بِهَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ هُنَا عَلَى مَطْلُوبِهِ وَمُنَاقَشَتِهِ مَنِ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " فَاتَّبِعُوهُ " عَلَى وُجُوبِ اتِّبَاعِهِ ﵊ فِي فِعْلِهِ، وَمَنِ اسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " عَلَى نَدْبِ اتِّبَاعِهِ ﵊ فِي فِعْلِهِ.

1 / 186