162

Ihkam Fi Usul Ahkam

الإحكام في أصول الأحكام

Daabacaha

المكتب الإسلامي

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٤٠٢ هـ

Goobta Daabacaadda

(دمشق - بيروت)

Noocyada

Usulul Fiqh
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَتِ التَّسْمِيَةُ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ، لَمْ يَخْلُ إِمَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْقَطْعُ فِي إِثْبَاتِهَا أَوْ لَا يُشْتَرَطَ. فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْوُجُوهِ الدَّالَّةِ غَيْرُ قَطْعِيَّةٍ بَلْ ظَنِّيَّةٌ، فَلَا تَصْلُحُ لِلْإِثْبَاتِ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَى النَّبِيِّ ﵇ أَنْ يُبَيِّنَ كَوْنَهَا مِنَ الْقُرْآنِ حَيْثُ كُتِبَتْ مَعَهُ بَيَانًا شَافِيًا شَائِعًا قَاطِعًا لِلشَّكِّ، كَمَا فَعَلَ فِي سَائِرِ الْآيَاتِ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي، فَلْيُثْبِتِ التَّتَابُعَ فِي صَوْمِ الْيَمِينِ بِمَا نَقَلَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي مُصْحَفِهِ. قُلْنَا: الِاخْتِلَافُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَقَعْ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِ التَّسْمِيَةِ مِنَ الْقُرْآنِ فِي الْجُمْلَةِ حَتَّى يُشْتَرَطَ الْقَطْعُ فِي طَرِيقِ إِثْبَاتِهَا، وَإِنَّمَا وَقَعَ فِي وَضْعِهَا آيَةً فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ وَالْقَطْعُ غَيْرُ مُشْتَرَطٍ فِيهِ. وَلِهَذَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَكْفِيرٍ مِنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ لِلْآخَرِ، كَمَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي عَدَدِ الْآيَاتِ وَمَقَادِيرِهَا (١) . قَوْلُهُمْ كَانَ يَجِبُ عَلَى النَّبِيِّ ﵇ بَيَانُ ذَلِكَ بَيَانًا قَاطِعًا لِلشَّكِّ. قُلْنَا: وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْقُرْآنِ لَبَيَّنَ ذَلِكَ أَيْضًا بَيَانًا قَاطِعًا لِلشَّكِّ، كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ فِي التَّعَوُّذِ، بَلْ أَوْلَى مِنْ حَيْثُ إِنَّ التَّسْمِيَةَ مَكْتُوبَةٌ بِخَطِّ الْقُرْآنِ فِي أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ وَمُنَزَّلَةٌ عَلَى النَّبِيِّ ﵇ مَعَ أَوَّلِ كُلِّ سُورَةٍ كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَذَلِكَ مِمَّا يُوهِمُ أَنَّهَا مِنَ الْقُرْآنِ مَعَ عِلْمِ النَّبِيِّ ﵇ بِذَلِكَ وَقُدْرَتِهِ عَلَى الْبَيَانِ بِخِلَافِ التَّعَوُّذِ. فَإِنْ قِيلَ: كُلُّ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ فَهُوَ مُنْحَصِرٌ يُمْكِنُ بَيَانُهُ، بِخِلَافِ مَا لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ، فَلَا يُمْكِنُ بَيَانُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ، فَلِهَذَا قِيلَ بِوُجُوبِ بَيَانِ مَا هُوَ مِنَ الْقُرْآنِ دُونَ مَا لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ.

(١) اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الْبَسْمَلَةَ بَعْضُ آيَةٍ مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ، وَاتَّفَقُوا أَيْضًا عَلَى كِتَابَتِهَا بَيْنَ كُلِّ سُورَتَيْنِ سِوَى مَا بَيْنَ الْأَنْفَالِ وَبَرَاءَةَ، وَأَنَّهَا نُقِلَتْ كِتَابَةً نَقْلًا مُتَوَاتِرًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي قُرْآنِيَّتِهَا فَقَطْ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كُتِبَتْ فِيهِ بَيْنَ سُورَتَيْنِ لَا فِي نَقْلِهَا، وَلَا فِي ثُبُوتِهَا قُرْآنًا فِي نَفْسِهَا، وَالْمَسْأَلَةُ اجْتِهَادِيَّةٌ، وَلِذَا لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ مَنْ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يُفَسِّقْهُ بَلْ خَطَّأَهُ فَقَطْ. وَذَكَرَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْقَوْلَيْنِ حَقٌ ; فَإِنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْقُرْآنِ فِي قِرَاءَةِ مَنْ فَصَلَ بِهَا بَيْنَ السُّورَتَيْنِ، وَلَيْسَتْ آيَةً مِنْهُ فِي قِرَاءَةِ مَنْ لَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ.

1 / 164