وَإِنْ أَرَادُوا بِهِ أَنَّا نَتَبَيَّنُ أَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِلْوُجُوبِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَدَّى فِيهِ الْفِعْلَ لَمْ يَقَعِ الْمَوْقِعَ، فَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ.
وَعَنِ الْقَوْلِ بِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ لِلْوُجُوبِ وَمَا بَعْدَهُ لِلْقَضَاءِ فِيمَا (١) سَبَقَ. (٢)، كَيْفَ وَأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ مَا يُفْعَلُ بَعْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ لَيْسَ بِقَضَاءٍ وَلَا يَصِحُّ بِنِيَّةِ الْقَضَاءِ.
وَعَنِ الْوَقْتِ (٣) أَنَّهُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ مِنَ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَمَاتَ فِي أَثْنَائِهِ أَنَّهُ أَدَّى فَرْضَ اللَّهِ، وَأَثْبَتَ ثَوَابَ الْوَاجِبِ، وَعَلَى مَا حَقَّقْنَاهُ مِنَ الْوُجُوبِ الْمُوَسَّعِ لَوْ أَخَّرَ الْمُكَلَّفُ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ بِشَرْطِ الْعَزْمِ وَمَاتَ لَمْ يَلْقَ اللَّهَ عَاصِيًا ; نَظَرًا إِلَى إِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ إِبْطَالُ مَعْنَى الْوُجُوبِ حَيْثُ إِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ مُطْلَقًا، بَلْ بِشَرْطِ الْعَزْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: جَوَازُ التَّأْخِيرِ مَشْرُوطٌ بِسَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ لِكَوْنِهَا (٤) مُنْطَوِيَةً عَنْهُ، وَلَا بُدَّ مِنَ الْحُكْمِ الْجَازِمِ فِي هَذِهِ الْحَالِ: إِمَّا الْبَعْضِيَّةُ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ، وَإِمَّا بِنَفْيِهَا ضَرُورَةَ (٥) امْتِنَاعِ التَّوَقُّفِ عَلَى ظُهُورِ الْعَاقِبَةِ بِالْإِجْمَاعِ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ، وَإِذَا عَرَفَ مَعْنَى الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ فَفَعَلَهُ فِي وَقْتِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ يُسَمَّى أَدَاءً، وَسَوَاءٌ كَانَ فِعْلُهُ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْخَلَلِ لِعُذْرٍ أَوْ لَا عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْخَلَلِ، وَإِنْ فَعَلَ عَلَى نَوْعٍ مِنَ الْخَلَلِ لِعُذْرٍ، ثُمَّ فَعَلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَرَّةً ثَانِيَةً سُمِّيَ إِعَادَةً وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فِي وَقْتِهِ الْمُقَدَّرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ فَعَلَ بَعْدَ خُرُوجِ وَقْتِهِ سُمِّيَ قَضَاءً. (٦)