73

Hawi Kabir

الحاوي الكبير

Baare

علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود

Daabacaha

دار الكتب العلمية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1419 AH

Goobta Daabacaadda

بيروت

والثاني: وهو قول الجمهور أنه سماهم نجسا، لِأَنَّهُمْ لَا يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَصَارُوا لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْغُسْلُ كَالنَّجَاسَةِ الَّتِي يَجِبُ غَسْلُهَا لا أنهم في أبدانهم أنجاس.
فَإِذَا ثَبَتَ طَهَارَةُ الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أضرب. [الأول]: ضَرْبٌ مِنْهُمْ يَرَوْنَ اجْتِنَابَ الْأَنْجَاسِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى واستعمال مياههم والصلاة في ثيابهم جائزة.
و[الثاني] ضرب مِنْهُمْ لَا يَرَوْنَ اجْتِنَابَهَا وَلَا يَعْتَقِدُونَ الْعِبَادَةَ فِي اسْتِعْمَالِهَا كَالدَّهْرِيَّةِ، وَالزَّنَادِقَةِ فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مِيَاهِهِمْ وَالصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الطَّهَارَةُ، وَنَكْرَهُهَا خَوْفًا مِنْ حُلُولِ النَّجَاسَةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أن لا يجتبنوها وَيَرَوْنَ الْعِبَادَةَ فِي اسْتِعْمَالِهَا كَالْبَرَاهِمَةِ مِنَ الْهِنْدِ، وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمَجُوسِ يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ الْأَبْوَالِ قُرْبَةً، فَاسْتِعْمَالُ مِيَاهِهِمْ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا، وَأَمَّا الصلاة في ثيابهم، فيجوز فيما لَمْ يَلْبَسُوهُ كَثِيرًا كَالْيَوْمِ أَوْ بَعْضِهِ، وَأَمَّا مَا كَثُرَ لِبَاسُهُمْ لَهَا حَتَّى طَالَ زَمَانُهُمْ فِيهَا، فَفِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ، لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا، وَمَنْ صَلَّى فِيهَا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا حُلُولُ النَّجَاسَةِ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يَخْلُو لِبَاسُهُ إِذَا طَالَ عَلَيْهِ مِنْ حُلُولِ الْمَاءِ فِيهِ، لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ عِبَادَةً فَلَمْ يَنْفَكَّ مِنْهُ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ إِنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ كُرِهَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الطَّهَارَةُ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ نَجَاسَتَهَا بِالشَّكِّ، وَأَشَدُّ مَا يُكْرَهُ مِنْ ثِيَابِ مَنْ لَا يَجْتَنِبُ الْأَنْجَاسَ الْمَيَارِزَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ، فَأَمَّا أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَا يَرَى أَكْلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ جَازَ اسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ، وَمَنْ كَانَ يَرَى أَكْلَهُ، فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهَا إِذَا طَالَ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَجَاسَتُهَا، وَقَدْ رَوَى أَبُو قِلَابَةَ، عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - فَقُلْتُ: إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى آنِيَتِهِمْ، فَقَالَ: فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ اطْبُخُوا فِيهَا.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا جَائِزٌ، وَإِنْ كُرِهَتِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ فِي طَهَارَتِهَا، وَإِسْقَاطُهَا بِحُكْمِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهَا غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

1 / 81