Hawi Kabir
الحاوي الكبير
Baare
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
قَالَ: وَلِأَنَّ الْفِضَّةَ تَابِعَةٌ لِلْإِنَاءِ فَأَشْبَهَ الثَّوْبَ الْمُطَرَّزَ، وَمَا كَانَ سِوَاهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ قُطْنٌ.
وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - قَالَ: " مَنْ شَرِبَ مِنْ إِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إِنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ " وَهَذَا نَصٌّ، وَلِأَنَّ غِشَاءَ الْإِنَاءِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ هُوَ إِنَاءٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ جَاوَرَهُ غيره وأوني الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَا يَحِلُّ اسْتِعْمَالُهَا لِمُجَاوَرَةِ غَيْرِهَا، وَلِأَنَّ أَوَانِيَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا حُرِّمَ اسْتِعْمَالُهَا إِمَّا لِمَا فِيهَا مِنَ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ وَإِمَّا لِمَا فِيهَا مِنَ انْكِسَارِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ وَإِمَّا لِمَا فِيهَا مِنْهُ السَّرَفُ، وَكُلُّ هَذِهِ الْمَعَانِي مَوْجُودَةٌ فِي الْمُضَبَّبِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُحَرَّمًا كَتَحْرِيمِ الْمُصْمَتِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّهُ إِنَاءٌ جَاوَرَتْهُ فِضَّةٌ أَوْ ذَهَبٌ فَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، وَإِنَّمَا هُوَ إِنَاءٌ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ جَاوَرَهُ غَيْرُهُ عَلَى أَنَّهُمَا لَوِ اسْتَوَيَا لَكَانَ تَغْلِيبُ الْحَظْرِ أَوْلَى.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْفِضَّةَ تَابِعَةٌ فَصَارَتْ كَالثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ مِنْ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَ الْفِضَّةَ تَابِعَةً لِغَيْرِهَا فِي الْإِبَاحَةِ وَلَا لِغَيْرِهِ أَنْ يَجْعَلَ غَيْرَ الْفِضَّةِ تَابِعَةً لِلْفِضَّةِ فِي التَّحْرِيمِ، ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّوْبِ الْمَنْسُوجِ مِنَ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ وبين الإناء من الفضة أو الْحَرِيرَ مُبَاحٌ لِجِنْسٍ مِنَ النَّاسِ وَهُوَ النِّسَاءُ فَجَازَ أَنْ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَأَوَانِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ لَمْ يَأْتِ الشَّرْعُ بِإِبَاحَتِهِ لِأَحَدٍ فَلَمْ يَعْفُ عَنْهُ مَعَ غَيْرِهِ.
فَصْلٌ
وَإِنْ كَانَ التَّضْبِيبُ فِي بَعْضِ الْإِنَاءِ دُونَ جميعه فضربان: أحداهما: أَنْ يَكُونَ بِالْفِضَّةِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِالذَّهَبِ فإن كان بالذهب فاستعماله حرام، لأن الذَّهَبِ مُبَاهَاةً وَسَرَفًا، وَإِنْ كَانَ بِالْفِضَّةِ فَعَلَى أَرْبَعَةِ أَضْرُبٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا، لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَاسْتِعْمَالُهُ حَرَامٌ لِمَا فِيهِ مِنَ الْمُبَاهَاةِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا لِحَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ فِي أَعَالِيهِ وَمَوْضِعِ الشُّرْبِ مِنْهُ كَانَ استعماله حرام.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: لِأَنْ لَا يَكُونَ شَارِبًا عَلَى فِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي أَسَافِلِهِ، وَغَيْرِ مَوَاضِعِ الشُّرْبِ مِنْهُ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ مَكْرُوهًا.
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَاسْتِعْمَالُهُ جَائِزٌ، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - كانت له قصعة فيها حلقتين فضة وكان لسيفه قبيعة قائمة فِضَّةٌ، وَأَهْدَى فِي بُدْنِهِ عَامَ حَجِّهِ جَمَلًا لِأَبِي جَهْلٍ فِي أَنْفِهِ بُرَّةٌ مِنْ فِضَّةٍ.
1 / 79