Hawi Kabir
الحاوي الكبير
Tifaftire
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1419 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
سُلَيْمَانَ وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - كَتَبَ إِلَى قَيْصَرَ ﴿بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) ﴿آل عمران: ٦٤) . وَقَدْ عَلِمَ مِنْ حَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَمَسُّونَهُ وَيَتَدَاوَلُونَهُ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، قَالُوا: وَلِأَنَّ الطَّهَارَةَ لَمَّا لَمْ تَجِبْ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فَأَوْلَى أَلَّا تَجِبَ بِحَمْلِ مَا كُتِبَ فِيهِ الْقُرْآنُ، قَالُوا: وَلِأَنَّ كُلَّمَا لَمْ يَكُنْ سَتْرُ الْعَوْرَةِ مُسْتَحَقًّا فِيهِ لَمْ تَكُنِ الطَّهَارَةُ مُسْتَحَقَّةً فِيهِ كَأَحَادِيثِ النَّبِيِّ ﷺ َ - وَكُتُبِ الْفِقْهِ.
وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ﴾ (الواقعة: ٧٩) . وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يَصِحُّ مَسُّهُ فَعَلِمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْكِتَابُ الَّذِي هُوَ أَقْرَبُ الْمَذْكُورِينَ إِلَيْهِ وَلَا يَتَوَجَّهُ النَّهْيُ إِلَى اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُنَزَّلٍ وَمَسُّهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - كَتَبَ إِلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ: " أَلَّا تَمَسَّ الْمُصْحَفَ إِلَّا وَأَنْتَ طاهرٌ "، وَرَوَى حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ: " لَا تَمَسَّ الْمُصْحَفَ إِلَّا طَاهِرًا "، فَإِنْ قِيلَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ إِلَّا طَاهِرًا يَعْنِي: إِلَّا مُسْلِمًا.
قِيلَ فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ َ - قَالَ لَهُ: " لَا تَمَسَّ الْمُصْحَفَ إِلَّا وَأَنْتَ طاهرٌ "، فَبَطَلَ هَذَا التَّأْوِيلُ، وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ التَّطْهِيرُ مِنَ النَّجَاسَةِ مُسْتَحَقًّا كَانَ التَّطْهِيرُ مِنَ الْحَدَثِ مُسْتَحَقًّا فِيهِ كَالصَّلَاةِ.
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ كِتَابِهِ إِلَى قَيْصَرَ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَيْصَرَ كَانَ مُشْرِكًا وَالْمُشْرِكُ مَمْنُوعٌ مِنْ مَسِّهِ بِالِاتِّفَاقِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَانَ كِتَابًا قَدْ تَضَمَّنَ مَعَ الْقُرْآنِ دُعَاءً إِلَى الْإِسْلَامِ، فَلَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ بنفسه مَقْصُودًا فَجَازَ تَغْلِيبًا لِلْمَقْصُودِ فِيهِ، وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ إِنَّ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ أَغْلَظُ حُكْمًا فهو
1 / 144