Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٣٧٨ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Noocyada
١- ألا يكون الحديث قد بلغه في تلك المسألة، ومن لم يبلغه الحديث لا يكلف العمل به، وهذا هو الغالب على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مخالفا لبعض الأحاديث. والإحاطة بحديث رسول الله ﷺ لم تكن لأحد من الأئمة كائنا من كان، وقد كان النبي ﷺ، يحدث أو يفتي أو يقضي أو يفعل الشيء فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا، ثم يبلغه أولئك الحاضرون أو بعضهم لمن يبلغونه، فينتهي علم ذلك إلى من شاء الله من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فلم تكن سنة رسول الله ﷺ يحيط بها صحابي واحد، أو تابعي واحد، أو إمام من الأئمة. ومن ادعى ذلك فقد أحال، وإنما يتفاضل العلماء من الصحابة ومن بعدهم بكثرة العلم أو جودته، واعتبر ذلك بالخلفاء الراشدين، الذين كانوا أعلم الأمة بأمور رسول الله ﷺ وسنته وأحواله. فهذا أبو بكر ﵁ لما سئل عن ميراث الجدة قال: "ما لك في كتاب الله من شيء؛ ولكن أسأل الناس"، فسألهم فقام المغيرة بن شعبة، ومحمد بن مسلمة، فشهدا أن النبي ﷺ أعطاها السدس، وهذا عمر بن الخطاب ﵁ لم يكن يعلم سنة الاستئذان، حتى أخبره بها أبو موسى ﵁، ولم يكن يعلم أن المرأة ترث من دية زوجها، حتى كتب إليه الضحاك بن سفيان -أمير رسول الله ﷺ على بعض البوادي- يخبره أن رسول الله ﷺ: "ورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها"، ولم يكن يعلم حكم المجوس في الجزية، حتى أخبره عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله ﷺ قال: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب"، ولما قدم "سرغ"، وبلغه أن الطاغوت بالشام، استشار المهاجرين الأولين الذين معه، ثم الأنصار، ثم مسلمة الفتح، فأشار
1 / 28