Al-Hadith wal-Muhaddithun
الحديث والمحدثون
Lambarka Daabacaadda
الأولى ١٣٧٨ هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٥٨ م مطبعة مصر شركة مساهمة مصرية
Noocyada
وقد قدمنا لك أن بعض أصحاب رسول الله ﷺ، كان إذا بعدت به الدار يركب إلى المدينة، فيسأل رسول الله ﷺ. واستمر أمر الصحابة على ذلك أيضا بعد وفاة رسول الله ﷺ، يرحل بعضهم إلى بعض في طلب الحديث. إلا أنه لما اتسعت الفتوح الإسلامية، وتفرق بها الصحابة، كما سبق شاعت الرحلة، وظهر أمرها بين الصحابة والتابعين في عصرنا هذا. ونحن نذكر لك طائفة من الآثار بعضها عن الصحابة، وبعضها عن التابعين لتلمس بنفسك تلك الجهود الجبارة، التي قام بها أسلافنا، حيال جمع الحديث، وليتضح لك عنايتهم بسنة رسول الله ﷺ، وحرصهم على جمعها. فهذا أبو أيوب الأنصاري، يرحل من المدينة إلى عقبة بن عامر بمصر، يسأله عن حديث، سمعه من النبي ﷺ. فلما قدم إلى منزل مسلمة بن مخلد الأنصاري، أمير مصر خرج إليه فعانقه ثم قال له: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ قال: حديث سمعته من النبي ﷺ، لم يبق أحد سمعه منه غيري، وغير عقبة فابعث من يدلني على منزله، فبعث معه من يدله على منزل عقبة، فخرج إليه عقبة فعانقه فقال: ما جاء بك يا أبا أيوب؟ فقال: حديث سمعته من رسول الله ﷺ، لم يبق أحد سمعه منه غيري، وغيرك في ستر المؤمن. قال عقبة: نعم. سمعت رسول الله ﷺ يقول: "من ستر مؤمنا في الدنيا على خزية، ستره الله يوم القيامة"، فقال أبو أيوب: صدقت ثم انصرف أبو أيوب إلى راحلته، فركبها راجعا إلى المدينة، وما حل رحله فما أدركته جائزه مسلمة بن مخلد إلا بعريش مصر.
فانظر رعاك الله إلى همة صحابة رسول الله ﷺ، كيف هانت عليهم الدنيا، وصغرت أمامهم العظائم في سبيل المحافظة
1 / 110