دماغي على دينك، وكقوله ﷺ: "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن" (^١) [الحديث] [١]، وهو من أحاديث الصفات، ولم يقل: دماغ المؤمن إلخ.
والأحاديث بمثل هذا كثيرة جدًّا فلا نطيل بها الكلام، وقد تبين مما ذكرنا أن خالق العقل وواهبه للإنسان بيَّن في آيات قرآنية كثيرة أن محل العقل القلب، وخالقه أعلم بمكانه من كفرة الفلاسفة، وكذلك رسوله ﷺ كما رأيت.
أما عامة الفلاسفة إلَّا القليل النادر منهم فإنهم يقولون: إن محل العقل الدماغ، وشذت طائفة من متأخريهم فزعموا أن العقل ليس له مركز مكاني في الإنسان أصلًا، وإنما هو زماني محض لا مكان له، وقول هؤلاء أظهر سقوطًا من أن نشتغل بالكلام عليه.
ومن أشهر الأدلة التي يستدل بها القائلون إن محل العقل الدماغ هو أن كل شيء يؤثر في الدماغ يؤثر في العقل، ونحن لا ننكر أن العقل قد يتأثر بتأثر الدماغ، ولكن نقول بموجبه، فنقول:
سلمنا أن العقل قد يتأثر بتأثر الدماغ، ولكن لا نسلم أن ذلك يستلزم أن محله الدماغ، وكم من عضو من أعضاء الإنسان خارج عن الدماغ بلا نزاع، وهو يتأثر بتأثر الدماغ كما هو معلوم، وكم من شلل في بعض أعضاء الإنسان ناشئ (عن اختلاف) [٢] واقع في الدماغ، فالعقل خارج عن الدماغ، ولكن سلامته مشروطة بسلامة الدماغ، كالأعضاء