The Sickness and the Cure
الداء والدواء
Daabacaha
دار المعرفة
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
المغرب
Noocyada
Suufinimo
أَيْ مَا ظَنُّكُمْ أَنْ يَفْعَلَ بِكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ.
وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَوْضِعَ حَقَّ التَّأَمُّلِ عَلِمَ أَنَّ حُسْنَ الظَّنِّ بِاللَّهِ هُوَ حُسْنُ الْعَمَلِ نَفْسُهُ، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَحْمِلُهُ عَلَى حُسْنِ الْعَمَلِ ظَنُّهُ بِرَبِّهِ أَنْ يُجَازِيَهُ عَلَى أَعْمَالِهِ وَيُثِيبَهُ عَلَيْهَا وَيَتَقَبَّلَهَا مِنْهُ، فَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى الْعَمَلِ حُسْنُ الظَّنِّ، فَكُلَّمَا حَسُنَ ظَنُّهُ حَسُنَ عَمَلُهُ، وَإِلَّا فَحُسْنُ الظَّنِّ مَعَ اتِّبَاعِ الْهَوَى عَجْزٌ، كَمَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ وَالْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا، وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ» .
وَبِالْجُمْلَةِ فَحُسْنُ الظَّنِّ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ انْعِقَادِ أَسْبَابِ النَّجَاةِ، وَأَمَّا مَعَ انْعِقَادِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ فَلَا يَتَأَتَّى إِحْسَانُ الظَّنِّ.
الْفَرْقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ وَالْغُرُورِ
فَإِنْ قِيلَ: بَلْ يَتَأَتَّى ذَلِكَ، وَيَكُونُ مُسْتَنَدُ حُسْنِ الظَّنِّ سَعَةَ مَغْفِرَةِ اللَّهِ، وَرَحْمَتِهِ وَعَفْوِهِ وَجُودِهِ، وَأَنَّ رَحْمَتَهُ سَبَقَتْ غَضَبَهُ، وَأَنَّهُ لَا تَنْفَعُهُ الْعُقُوبَةُ، وَلَا يَضُرُّهُ الْعَفْوُ.
قِيلَ: الْأَمْرُ هَكَذَا، وَاللَّهُ فَوْقَ ذَلِكَ وَأَجَلُّ وَأَكْرَمُ وَأَجْوَدُ وَأَرْحَمُ، وَلَكِنْ إِنَّمَا يَضَعُ ذَلِكَ فِي مَحِلِّهِ اللَّائِقِ بِهِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالْحِكْمَةِ، وَالْعِزَّةِ وَالِانْتِقَامِ، وَشِدَّةِ الْبَطْشِ، وَعُقُوبَةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ، فَلَوْ كَانَ مُعَوَّلُ حُسْنِ الظَّنِّ عَلَى مُجَرَّدِ صِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ لَاشْتَرَكَ فِي ذَلِكَ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَوَلِيُّهُ وَعَدُّوهُ، فَمَا يَنْفَعُ الْمُجْرِمَ أَسْمَاؤُهُ وَصِفَاتُهُ وَقَدْ بَاءَ بِسُخْطِهِ وَغَضَبِهِ، وَتَعَرَّضَ لِلَعْنَتِهِ، وَوَقَعَ فِي مَحَارِمِهِ، وَانْتَهَكَ حُرُمَاتِهِ، بَلْ حُسْنُ الظَّنِّ يَنْفَعُ مَنْ تَابَ وَنَدِمَ وَأَقْلَعَ، وَبَدَّلَ السَّيِّئَةَ بِالْحَسَنَةِ، وَاسْتَقْبَلَ بَقِيَّةَ عُمُرِهِ بِالْخَيْرِ وَالطَّاعَةِ، ثُمَّ أَحْسَنَ الظَّنَّ، فَهَذَا هُوَ حُسْنُ ظَنٍّ، وَالْأَوَّلُ غُرُورٌ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَلَا تَسْتَطِلْ هَذَا الْفَصْلَ، فَإِنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ شَدِيدَةٌ لِكُلِّ أَحَدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ حُسْنِ الظَّنِّ بِاللَّهِ وَبَيْنَ الْغُرُورِ بِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢١٨] فَجَعَلَ هَؤُلَاءِ أَهْلَ الرَّجَاءِ، لَا الْبَطَّالِينَ وَالْفَاسِقِينَ.
1 / 27