132

The Sickness and the Cure

الداء والدواء

Daabacaha

دار المعرفة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

المغرب

Noocyada

Suufinimo
بِشَاهَانْ شَاهْ - أَيْ مَلِكِ الْمُلُوكِ - لَا مَلِكَ إِلَّا اللَّهُ» وَفِي لَفْظٍ: «أَغِيظُ رَجُلٍ عَلَى اللَّهِ رَجُلٌ يُسَمَّى بِمَلِكِ الْأَمْلَاكِ» .
فَهَذَا مَقْتُ اللَّهِ وَغَضَبُهُ عَلَى مَنْ تَشَبَّهَ بِهِ فِي الِاسْمِ الَّذِي لَا يَنْبَغِي إِلَّا لَهُ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ وَحْدَهُ، وَهُوَ حَاكِمُ الْحُكَّامِ وَحْدَهُ، فَهُوَ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَى الْحُكَّامِ كُلِّهِمْ، وَيَقْضِي عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ، لَا غَيْرُهُ.
[فَصْلٌ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ]
فَصْلٌ
سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ
إِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَهَاهُنَا أَصْلٌ عَظِيمٌ يَكْشِفُ سِرَّ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ أَنَّ أَعْظَمَ الذُّنُوبِ عِنْدَ اللَّهِ إِسَاءَةُ الظَّنِّ بِهِ، فَإِنَّ الْمُسِيءَ بِهِ الظَّنَّ قَدْ ظَنَّ بِهِ خِلَافَ كَمَالِهِ الْمُقَدَّسِ، وَظَنَّ بِهِ مَا يُنَاقِضُ أَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ، وَلِهَذَا تَوَعَّدَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الظَّانِّينَ بِهِ ظَنَّ السَّوْءِ بِمَا لَمْ يَتَوَعَّدْ بِهِ غَيْرَهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [سُورَةُ الْفَتْحِ: ٦] .
وَقَالَ تَعَالَى لِمَنْ أَنْكَرَ صِفَةً مِنْ صِفَاتِهِ: ﴿وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سُورَةُ فُصِّلَتْ: ٢٣] .
قَالَ تَعَالَى عَنْ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ لِقَوْمِهِ: ﴿مَاذَا تَعْبُدُونَ - أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ - فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصَّافَّاتِ: ٨٥ - ٨٧] .
أَيْ فَمَا ظَنُّكُمْ أَنْ يُجَازِيَكُمْ بِهِ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ؟ وَمَا ظَنَنْتُمْ بِهِ حِينَ عَبَدْتُمْ مَعَهُ غَيْرَهُ؟
وَمَا ظَنَنْتُمْ بِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ مِنَ النَّقْصِ حَتَّى أَحْوَجَكُمْ ذَلِكَ إِلَى عُبُودِيَّةِ غَيْرِهِ؟ فَلَوْ ظَنَنْتُمْ بِهِ مَا هُوَ أَهْلُهُ مِنْ أَنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنَّهُ غَنِيٌّ عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، وَأَنَّهُ قَائِمٌ بِالْقِسْطِ عَلَى خَلْقِهِ، وَأَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ بِتَدْبِيرِ خَلْقِهِ لَا يُشْرِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، وَالْعَالِمُ بِتَفَاصِيلِ الْأُمُورِ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ مِنْ خَلْقِهِ، وَالْكَافِي لَهُمْ وَحْدَهُ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُعِينٍ، وَالرَّحْمَنُ بِذَاتِهِ، فَلَا يَحْتَاجُ فِي رَحْمَتِهِ إِلَى مَنْ يَسْتَعْطِفُهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُلُوكِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الرُّؤَسَاءِ، فَإِنَّهُمْ يَحْتَاجُونَ إِلَى مَنْ يُعَرِّفُهُمْ أَحْوَالَ الرَّعِيَّةِ

1 / 138