103

The Sickness and the Cure

الداء والدواء

Daabacaha

دار المعرفة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

المغرب

Noocyada

Suufinimo
تَسْتَحْيُونَ أَنْ يَرَاكُمْ عَلَيْهِ مَنْ هُوَ مِثْلُكُمْ، وَالْمَلَائِكَةُ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ، وَإِذَا كَانَ ابْنُ آدَمَ يَتَأَذَّى مِمَّنْ يَفْجُرُ وَيَعْصِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنْ كَانَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ، فَمَا الظَّنُّ بِأَذَى الْمَلَائِكَةِ الْكِرَامِ الْكَاتِبِينَ؟ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. [فَصْلٌ الْمَعَاصِي مَجْلَبَةُ الْهَلَاكَ] فَصْلٌ الْمَعَاصِي مَجْلَبَةُ الْهَلَاكَ وَمِنْ عُقُوبَاتِهَا: أَنَّهَا تَسْتَجْلِبُ مَوَادَّ هَلَاكِ الْعَبْدِ مِنْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ، فَإِنَّ الذُّنُوبَ هِيَ أَمْرَاضٌ، مَتَى اسْتَحْكَمَتْ قَتَلَتْ وَلَابُدَّ، وَكَمَا أَنَّ الْبَدَنَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا إِلَّا بِغِذَاءٍ يَحْفَظُ قُوَّتَهُ، وَاسْتِفْرَاغٍ يَسْتَفْرِغُ الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ وَالْأَخْلَاطَ الرَّدِيَّةَ، الَّتِي مَتَى غَلَبَتْ أَفْسَدَتْهُ، وَحِمْيَةٍ يَمْتَنِعُ بِهَا مِمَّا يُؤْذِيهِ وَيَخْشَى ضَرَرَهُ، فَكَذَلِكَ الْقَلْبُ لَا تَتِمُّ حَيَاتُهُ إِلَّا بِغِذَاءٍ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، تَحْفَظُ قُوَّتَهُ، وَاسْتِفْرَاغٍ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، تَسْتَفْرِغُ الْمَوَادَّ الْفَاسِدَةَ وَالْأَخْلَاطَ الرَّدِيَّةَ مِنْهُ، وَحِمْيَةٍ تُوجِبُ لَهُ حِفْظَ الصِّحَّةِ وَتَجَنُّبَ مَا يُضَادُّهَا، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ اسْتِعْمَالِ مَا يُضَادُّ الصِّحَّةَ. وَالتَّقْوَى: اسْمٌ مُتَنَاوِلٌ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فَمَا فَاتَ مِنْهَا فَاتَ مِنَ التَّقْوَى بِقَدَرِهِ. وَإِذَا تَبَيَّنَ هَذَا فَالذُّنُوبُ مُضَادَّةٌ لِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ، فَإِنَّهَا تَسْتَجْلِبُ الْمَوَادَّ الْمُؤْذِيَةَ وَتُوجِبُ التَّخْطِيطَ الْمُضَادَّ لِلْحِمْيَةِ، وَتَمْنَعُ الِاسْتِفْرَاغَ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ. فَانْظُرْ إِلَى بَدَنٍ عَلِيلٍ قَدْ تَرَاكَمَتْ عَلَيْهِ الْأَخْلَاطُ وَمَوَادُّ الْمَرَضِ، وَهُوَ لَا يَسْتَفْرِغُهَا، وَلَا يَحْتَمِي لَهَا، كَيْفَ تَكُونُ صِحَّتُهُ وَبَقَاؤُهُ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ: جِسْمُكَ بِالْحِمْيَةِ حَصَّنْتَهُ ... مَخَافَةً مِنْ أَلَمٍ طَارِي وَكَانَ أَوْلَى بِكَ أَنْ تَخْشَى ... مِنَ الْمَعَاصِي خَشْيَةَ الْبَارِي فَمَنْ حَفِظَ الْقُوَّةَ بِامْتِثَالِ الْأَوَامِرِ، وَاسْتَعْمَلَ الْحِمْيَةَ بِاجْتِنَابِ النَّوَاهِي، وَاسْتَفْرَغَ التَّخْطِيطَ بِالتَّوْبَةِ النَّصُوحِ، لَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا، وَلَا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَبًا، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. [فَصْلٌ الْعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى الْمَعَاصِي] فَصْلٌ الْعُقُوبَاتُ الشَّرْعِيَّةُ عَلَى الْمَعَاصِي فَإِنْ لَمْ تَرْدَعْكَ هَذِهِ الْعُقُوبَاتُ، وَلَمْ تَجِدْ لَهَا تَأْثِيرًا فِي قَلْبِكَ، فَأَحْضِرْهُ الْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي شَرَعَهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَى الْجَرَائِمِ، كَمَا قَطَعَ الْيَدَ فِي سَرِقَةِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ، وَقَطَعَ الْيَدَ وَالرِّجْلَ فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ عَلَى مَعْصُومِ الْمَالِ وَالنَّفْسِ، وَشَقَّ الْجِلْدَ بِالسَّوْطِ عَلَى كَلِمَةٍ قَذَفَ بِهَا

1 / 109