10

The Sickness and the Cure

الداء والدواء

Daabacaha

دار المعرفة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1418 AH

Goobta Daabacaadda

المغرب

Noocyada

Suufinimo
وَهَاهُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ وَهُوَ: أَنَّ الْمَدْعُوَّ بِهِ إِنْ كَانَ قَدْ قُدِّرَ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ وُقُوعِهِ، دَعَا بِهِ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَدْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ قُدِّرَ لَمْ يَقَعْ، سَوَاءٌ سَأَلَهُ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ. فَظَنَّتْ طَائِفَةٌ صِحَّةَ هَذَا السُّؤَالِ، فَتَرَكَتِ الدُّعَاءَ وَقَالَتْ: لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَهَؤُلَاءِ مَعَ فَرْطِ جَهْلِهِمْ وَضَلَالِهِمْ، مُتَنَاقِضُونَ فَإِنَّ طَرْدَ مَذْهَبِهِمْ يُوجِبُ تَعْطِيلَ جَمِيعِ الْأَسْبَابِ فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ: إِنْ كَانَ الشِّبَعُ وَالرِّيُّ قَدْ قُدِّرَا لَكَ فَلَابُدَّ مِنْ وُقُوعِهِمَا، أَكَلْتَ أَوْ لَمْ تَأْكُلْ، وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرَا لَمْ يَقَعَا أَكَلْتَ أَوْ لَمْ تَأْكُلْ. وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ قُدِّرَ لَكَ فَلَابُدَّ مِنْهُ، وَطِئْتَ الزَّوْجَةَ أَوِ الْأَمَةَ أَوْ لَمْ تَطَأْ، وَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ لَمْ يَكُنْ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى التَّزْوِيجِ وَالتَّسَرِّي، وَهَلُمَّ جَرَّا. فَهَلْ يَقُولُ هَذَا عَاقِلٌ أَوْ آدَمِيٌّ؟ بَلِ الْحَيَوَانُ الْبَهِيمُ مَفْطُورٌ عَلَى مُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ الَّتِي بِهَا قِوَامُهُ وَحَيَاتُهُ، فَالْحَيَوَانَاتُ أَعْقَلُ وَأَفْهَمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا. وَتَكَايَسَ بَعْضُهُمْ وَقَالَ: الِاشْتِغَالُ بِالدُّعَاءِ مِنْ بَابِ التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ يُثِيبُ اللَّهُ عَلَيْهِ الدَّاعِيَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي الْمَطْلُوبِ بِوَجْهٍ مَا وَلَا فَرْقَ عِنْدَ هَذَا الْمُتَكَيِّسِ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالْإِمْسَاكِ عَنْهُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ فِي التَّأْثِيرِ فِي حُصُولِ الْمَطْلُوبِ، وَارْتِبَاطُ الدُّعَاءِ عِنْدَهُمْ بِهِ كَارْتِبَاطِ السُّكُوتِ وَلَا فَرْقَ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ أُخْرَى أَكْيَسُ مِنْ هَؤُلَاءِ: بَلِ الدُّعَاءُ عَلَامَةٌ مُجَرَّدَةٌ نَصَبَهَا اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَارَةً عَلَى قَضَاءِ الْحَاجَةِ، فَمَتَى وُفِّقَ الْعَبْدُ لِلدُّعَاءِ كَانَ ذَلِكَ عَلَامَةً لَهُ وَأَمَارَةً عَلَى أَنَّ حَاجَتَهُ قَدِ انْقَضَتْ، وَهَذَا كَمَا إِذَا رَأَيْتَ غَيْمًا أَسْوَدَ بَارِدًا فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ، فَإِنَّ ذَلِكَ دَلِيلٌ وَعَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُمْطِرُ. قَالُوا: وَهَكَذَا حُكْمُ الطَّاعَاتِ مَعَ الثَّوَابِ، وَالْكُفْرُ وَالْمَعَاصِي مَعَ الْعِقَابِ، هِيَ أَمَارَاتٌ مَحْضَةٌ لِوُقُوعِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ لَا أَنَّهَا أَسْبَابٌ لَهُ. وَهَكَذَا عِنْدَهُمُ الْكَسْرُ مَعَ الِانْكِسَارِ، وَالْحَرْقُ مَعَ الْإِحْرَاقِ، وَالْإِزْهَاقُ مَعَ الْقَتْلِ لَيْسَ

1 / 16