ذكر القياس
والقياس في اللغة التمثيل، والتشبيه، وهما يقعان بين الأشياء في بعض معانيها لا في سائرها، لأنه ليس يجوز أن يشبه شيء شيئًا في جميع صفاته فيكون غ يره، والتشبيه في الأشياء لا يخلو من أن يكون تشبيهًا في حد أو وصف، أو اسم، فالشبه في الحد هو الذي يحكم لشبهه بمثل حكمه إذا وجد فيه فيكون ذلك قياسًا صادقًا وبرهانًا واضحًا، والشبه في الوصف هو الذي يحكم لشبهه به فيكون في بعض الأشياء صادقًا، وفي بعضها يكون كاذبًا.
والشبه في الاسم غير محكوم فيه بشيء إلا أن يكون الاسم مشتقًا من وصف؛ ونحن نمثل ذلك فنقول: إن حلول الحركة في المتحرك لما كانت حدًا له، وجب أن يكون كل ما حلت فيه الحركة متحركًا، وهذا حق لا نطعن فيه. فأما السواد الذي هو من أوصاف الحبشي فليس حيث وجدناه حكمنا لحامله بأنه حبشي، ومتى قلنا ذلك كنا مبطلين، ولكنا إذا قلنا: إن بعض من يوصف بالسواد حبشي صدقنا، وأما زيد الذي هو من الأسماء فليس بموجب أن يكون بينه وبين غيره ممن اتفق هذا الاسم له مماثلة ولا مشابهة إلا أن يكون الاسم مشتقًا من وصف فيلحق الوصف ما شاركه من ذلك الاشتقاق ما يلحقه، مثل الأبيض الذي يسمى به كل (ما كان البياض فيه) لأنه مشتق منه. والاشتباه في الأسماء لا يوافق بين معانيها إذا اختلفت ذواتها، فإن الهوى الواقع على هوى