17

Al-Burhan fi Wujuh al-Bayan

البرهان في وجوه البيان

Baare

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

Daabacaha

مكتبة الشباب (القاهرة)

Goobta Daabacaadda

مطبعة الرسالة

Noocyada

والعمل به دون الظاهر فقال: (إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن) وأعلمنا أن بالظاهر تقوم الحجة فقال: ﴿قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي الأَرْضِ أَمْ بِظَاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ﴾، وقال رسول الله ﷺ "الإيمان عقد بالقلب، وقول باللسان وعمل بالأركان"، وقال "ليس الدين بالتجلي ولا بتمني ولكنه ما وقر في النفوس، وصدقته الأعمال" وذلك لأن النية مغيبة عنا، وليس يعلمها إلا الله ﷿ وصاحبها، وإنما يستدل عليها بالقول والعمل، ألا ترى أن الإنسان إنما تعرف حكمته الباطنة بما يظهر لنا من صحة قوله وإتقان عمله، وبين في العقل أنه لما كان الظاهر سببًا إلى الباطن، وعلة لنيله والوصول إليه وجب أن يكون معلقًا به، وغير منفصل عنه، وأن يكون ما يدرك من فضيلة العلم منسوبًا إليهما لاشتراكهما في إيضاحه، فإن لعلة بالمعلول تدرك، والمعلول بالعلة يوجد، وأن لا يكون الأمر كما ظن قوم أرذلوا علم الظاهر وتركوا العمل به، وهم مع ذلك مقرون بأنه لا يصلون إلى علم الباطن، والإيضاح عن حقيقته إلا به، فجعلوا ما لا تدرك الحاجة إلا به غير محتاج إليه، وهذا هو المحال البين، ولو كان الأمر كما ظنوا لبطلت حقوق الناس، وتعطلت تجاراتهم، وفسدت معاملاتهم، وسقطت أخبارهم، لأنهم إنما يعملون في جميع ذلك على الظاهر دون الباطن، ووضوح هذا يغني عن الإطالة فيه.

1 / 64