اعرف الحق تعرف أهله، وأن تخرج من قلبه التعصب للآباء، فإن الله يقول لهم: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا﴾؛ وأن يعتزل الهوى فيما يريد إصابة الحق فيه، فإن الله ﷿ يقول: ﴿وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾، والانقياد لزخرفة القول، وظاهر رياء الخصم، فقد حذر الله ﷿ من هذه الطبقة على أيدي أنبيائه فقال:
﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾.
وقال عز من قائل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾. وقال المسيح ﵇ في الإنجيل: ﴿احذَرُوا الكَذَبةَ الذين يَأتونكم بألسنة الحملاَنِ وقلوبِ الذئَابِ﴾. وألا يقبل من ذي قول مصيب فيه كل ما يأتي به لموضع ذلك الصواب الواحد، ولا يرد على ذي قول مخطئ فيه كل ما يأتي به لموضع ذلك الخطأ الواحد، بل لا يقبل قولًا إلا بحجة، ولا يريده إلا لعلة، فيكون في ذلك كالوزان الحاذق المتفقد لميزانه وصنجاته، فإن الخطأ في الرأي أعظم