البهجة في شرح التحفة على الأرجوزة تحفة الحكام
البهجة في شرح التحفة على الأرجوزة تحفة الحكام
Baare
ضبطه وصححه
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٨هـ - ١٩٩٨م
Goobta Daabacaadda
لبنان / بيروت
Noocyada
Maaliki
الْكتاب وَإِثْبَات الْحجَّة فَلِمَنْ بعده النّظر فِيهِ، فَإِن قَالَ: حكمت بِمُوجب الْإِقْرَار أَو الْوَقْف الَّذِي تضمنه الْكتاب فَهُوَ حكم بِصِحَّتِهِ وَمَعْرِفَة الْفرق بَين الثُّبُوت وَالْحكم، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ فِي التَّرْجَمَة قبله وَمَعْرِفَة الْمُدَّعِي من الْمُدعى عَلَيْهِ فالمدعي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ ركنان مستقلان عِنْده، أَعنِي عِنْد ابْن فَرِحُونَ، وَالْحَال الَّتِي يعرف بهَا كل مِنْهُمَا من أَجزَاء الرُّكْن السَّادِس الَّذِي هُوَ الْكَيْفِيَّة. قلت: تَأمل فَفِي الْقلب مِنْهُ شَيْء لِأَن الحكم على الشَّيْء فرع تصَوره فَلَا يحكم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ مُدع حَتَّى تعرف حَاله وَمَعْرِفَة الدَّعْوَى الصَّحِيحَة وشروطها، وَمَعْرِفَة حكم جَوَاب الْمُدعى عَلَيْهِ من إِقْرَار أَو إِنْكَار أَو امْتنَاع مِنْهُمَا، وَقد أَشَارَ النَّاظِم إِلَى هذَيْن الْأَخيرينِ بقوله: تحقق الدَّعْوَى مَعَ الْبَيَان. وَبِقَوْلِهِ بعد: وَمن أَبى إِقْرَارا أَو إنكارًا الخ. وَمَعْرِفَة كَيْفيَّة الْإِعْذَار وَمَعْرِفَة صفة الْيَمين ومكانها والتغلظ فِيهَا، وَقد أَشَارَ النَّاظِم لهذين أَيْضا فِي فَصلي الْإِعْذَار وَالْيَمِين، فَهَذِهِ كلهَا من أَجزَاء هَذَا الرُّكْن، فالناظم ﵀ قد أَشَارَ لبَعض أَجزَاء هَذَا الرُّكْن الَّذِي هُوَ الْكَيْفِيَّة وَلم يهمله كل الإهمال، وَبِهَذَا تعلم أَن جعل الْكَيْفِيَّة من الْأَركان صَحِيح لَا تسَامح فِيهِ خلافًا ل (ت) لِأَنَّهُ إِن لم يكن عَارِفًا بتفاريعها اخْتَلَّ حكمه باخْتلَاف مَحَله إِذْ قد يحكم بِالصِّحَّةِ فِيمَا حكم غَيره بِالْفَسَادِ، وَبِالْعَكْسِ مَعَ كَون الحكم الأول لَا يتعقب، وَقد يحكم فِيمَا لَا يفْتَقر لحكم فَحكمه كَالْعدمِ لِأَنَّهُ من تَحْصِيل الْحَاصِل، وَهَذَا إِذا لم يعرف كَون الدَّعْوَى صَحِيحَة وَلَا كَيْفيَّة الْإِعْذَار وَلَا مَحل الْيَمين وَنَحْو ذَلِك. وَقد علمت بِهَذَا أَن النَّاظِم تكلم على الْأَركان السِّتَّة خلافًا لما فِي (م) و(ت) . وَلما كَانَ بَين الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ التباس وَعلم الْقَضَاء يَدُور على التَّمْيِيز بَينهمَا إِذْ من ميز بَينهمَا، فقد عرف وَجه الْقَضَاء كَمَا قَالَ سعيد بن الْمسيب ﵁: إِذْ لم يخْتَلف الْعلمَاء فِيمَا لكل مِنْهُمَا من أَن الْبَيِّنَة على الْمُدَّعِي وَالْيَمِين على الْمُدعى عَلَيْهِ اعتنى النَّاظِم بشأنهما مصدرا بهما فِي هَذَا الْفَصْل فَقَالَ: تَمْيِيزُ حَالِ المُدَّعِي والمدَّعَى عَلَيْهِ جُمْلَة القَضَاءِ جَمَعَا فَقَوله: (جملَة الْقَضَاء) مفعول لقَوْله: (جمعا)، وَالْجُمْلَة خبر تَمْيِيز، وَالظَّاهِر أَن لَفْظَة حَال لَيست مقحمة لِأَن الشَّيْء إِنَّمَا يتَمَيَّز من غَيره بِصفتِهِ، فالمدعي يتَمَيَّز بِكَوْنِهِ يتجرد قَوْله عَن مُصدق وَالْمُدَّعى عَلَيْهِ بعكسه كَمَا قَالَ:
1 / 45