Albadraniyah: Explanation of the Faraidh Poem according to the Doctrine of Imam Ahmad ibn Hanbal

البدرانية شرح المنظومة الفارضية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل

Investigator

سامح جابر الحدا

Publisher

سفار لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية ومكتبة الإمام الذهبي للنشر والتوزيع

Publication Year

1440 AH

Publisher Location

الكويت

أسفار

لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية

دولة الكويت

البدرانية

شرح المنظومة الفارضية

ويليه

كفاية المرتقي إلى معرفة فرائض الخِرَقي

تأليف

العلامة عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن بدران

الدمشقي الحنبلي (ت ١٣٤٦)

تحقيق

سامي جابر الحداد

راجعه

د. منصور بن عدنان العتيقي

1

-

2

-

3

-

4

البدرانية

شَرَّحُ المَنَظُومَةِ الفَارِضِيَّة

5

جميعُ الحُقُوق مَحْفُوظَةٌ

الطَّبْعَةُ الأولى

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

أسْفَارَ

لِنَشْرِ نَفِيْسِ الكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ العِلْمِيَّةِ

دَوْلَةُ الْكُوَيْت

E-mail: s.faar16@gmail.com

Twitter: @sfaar16

الإمام الذهبي

مَكْتَبَةُ الأَفْضَلِ لِلنَّشْرِ وَالتَّوْزِيعِ

الكويت، حولي، شارع المثنى، مجمع البدري

ت: ٢٢٦٥٧٨٠٦ فاكس: ٢٢٦١٢٠٠٤

فرع حولي: شارع المثنى: ٢٢٦١٥٠٤٦، فرع المباركية: ٢٢٤٩٠٦٠٤

فرع الفحيحيل: ٢٥٤٥٦٠٦٩، فرع المصاحف: ٢٢٦٢٩٠٧٨

ص. ب: ١٠٧٥. الرمز البريدي ٣٢٠١١ الكويت

المملكة العربية السعودية - الرياض: ٠٥٥٧٧٦٥١٣٨

الساخن: ت: ٩٤٤٠٥٥٥٩

E-mail: z.zahby74@yahoo.com

@imamzahby

6

أسفار

لنشر نفيس الكتب والرسائل العلمية

دولة الكويت

البدرانية

شرح المنظومة الفارضية

ويليه

كفاية المرتقي إلى معرفة فرائض الخِرَقي

تأليف

العلامة عبد القادر بن أحمد بن مصطفى بن بدران

الدمشقي الحنبلي (ت ١٣٤٦)

تحقيق

سامي جابر الحداد

راجعه

د. منصور بن عدنان العتيقي

7

بِسْمِ ٱللَّٰهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

8

بسم الله الرحمن الرحيم

يسرُّ ((مشروع أسفَار)) أنْ يقدِّم للقارئ الكريم الإصدارَ ((الثَّانِي عَشَر)) من إصداراته، وهو شرحُ رحبيَّةِ الحنابلة: (الفارضيَّة الحنبليّة) لشمس الدِّين محمَّد الفارضيِّ القاهري (ت ٩٨١)؛ إحدى المختَصَرات الدِّراسيَّة المعتمَدَة، وكانتْ هذه الأرجوزة (هي الضَّالة المنشودة، والفريدة المفقودة) كما قاله ابن بدران في شرحه المسمَّى: بـ (البدرانيَّة)، والذي نقدِّمه بين يديك مقروناً بـ(كفاية المرتقي إلى فرائض الخرقي).

وذكر في تصديره البدرانية أنَّ الدافع لتأليفه هذا الشرح: أنَّ أهل جزيرة العرب من السَّالكين مذهبَ أحمد لم يكد يحصلُ لهم ظفرٌ بنظمٍ حنبليٍّ في الفرائض، فأراد أنْ يُظهر الفارضيَّة ويخدمها بشرحه المتوسّط عليها، وهذا يُشبه ما أشار إليه ابن بدران في مقدِّمة نزهة الخاطر من أنَّه وضعه جواباً لسؤال بعض أفاضل الحنابلة النجديِّين.

وبعدَ فراغه من شرح الفارضيَّة: رغِبَ في شرح نظمَيْ: (الخرقي) و(زوائد الكافي على الخرقي) للإمام الصرصري، إلا أنّ عدم وقوفه على نسخة تامة من النظمين صرَفَهُ عن ذلك إلى الاشتغال بشرح (باب الفرائض وحده) منهما دون بقيّة الأبواب.

فطُبِعتْ البدرانية مع شرح نظمي ((الخرقي والزوائد)) المسمَّى بـ(كفاية المرتقي) في كتاب واحد سنة (١٣٤٢) بإشراف ابن بدران، ثم أعاد الشيخ

5

محمد بن عبد العزيز بن مانع (ت ١٣٨٥) مدير المعارف بالمملكة العربية السعودية نشر البدرانية مفردةً دون الكفاية، وقد نوَّهَ على فضلها في مقدمة نشرته قائلاً: ((طُبعَ هذا الشرح بإشراف مؤلفه، وحيث إنَّه نفِدَ وقلَّ وجودُهُ بأيدي طلبة العلم فصار كالمعدوم: بادرَ الشَّابُّ النَّجيب عبد الله بن عبد العزيز القرعاوي إلى طبعه على نفقته؛ لأنَّ الناس في هذا العهد السُّعودي المبارك في أشدِّ الحاجة إلى مثله؛ لكثرة المعاهد العلمية)).

ونُنَبِّه هنا إلى أنَّ المحقِّق الفاضل قد أثبت نصَّ المنظومة الفارضيّة ونظمَيْ فرائض الخرقي وزوائد الكافي في ملحقٍ ختم به مقدمته الدراسية، تسهيلاً على الحفّاظ.

وأخيراً: نسأل الله تبارك وتعالى أنْ يرحم الشَّارح والنَّاظمين، ويغفرَ لهم ويرفعَ درجتهم، وأنْ يتولّى بعنايته وفضله وإحسانه مَن سعى في نشر الكتاب قديماً وحديثاً، وأنْ يجزي محقِّقَه خير الجزاء، ولا يفوتنا أنْ ندعو بالتَّوفيق في الدَّارين للدكتور: منصور بن عدنان العتيقي؛ الذي بذل جهداً مشكوراً في مراجعة نصِّ الكتاب المحقّق، وتصحيحه.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.

أسفار

لِنَشْرِ نَفِيْسِ الْكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ العِلْمِيَّةِ
دَوْلَةُ الْكُوَيْتْ

6

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اهتدى بهداهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد:

فإنَّ علم الفرائض من أشرف العلوم وأجلُّها وأعظمها قدراً، فهو بابٌ عظيمٌ القدر من أبواب الفقه؛ تولى الله تعالى قسمة الميراث بين المستحقين بنفسه في كتابه الكريم، وقد حثَّ نبينا ﷺ على تعلمه وتعليمه والعناية به كما في الحديث: (العلم ثلاثة، وما سوى ذلك فهو فضل؛ آية محكمة، أو سنة قائمة، أو فريضة عادلة)(١). وقال ﷺ: (تعلموا الفرائض وعلّموها الناس، فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض حتى يختلف الرجلان في الفريضة لا يجدان من يخبرهما)(٢). وهو نصف العلم، وأنه أول علم ينزع كما في الحديث: (تعلموا الفرائض وعلموها فإنه نصف العلم، وهو ينسى، وهو أول علم ينزع من أمتي)(٣).

فعلم الفرائض من العلوم المحمودة النافعة، لما ينشأ عن المعرفة به من

(١) أخرجه: أبو داود في سننه (١١٩/٣، ح٢٨٨٥) وابن ماجه في سننه (٢١/١، ح ٥٤) والحاكم في المستدرك (٣٦٩/٤، ح٧٩٤٩).

(٢) أخرجه: الحاكم في المستدرك (٣٦٩/٤، ح ٧٩٥٠) والنسائي في السنن الكبرى (٩٧/٦، ح ٦٢٧١) والبيهقي في السنن الكبرى (٣٤٣/٦، ح ١٢١٧٣) والدارقطني في سننه (١٤٣/٥، ح ٤١٠٣).

(٣) أخرجه: الترمذي في سننه (٤٨٤/٣، ح٢٠٩١) وابن ماجه في سننه (٩٠٨/٢، ح٢٧١٩) والحاكم في المستدرك (٣٦٩/٤، ح ٧٩٤٨).

7

تحقيق العدل وإيصال الحقوق إلى أهلها على الوجه الذي شرعه الله ﷺ في تقسيم المواريث، ولذا اهتمَّ سلف هذه الأمة بهذا العلم، وبذلوا الجهد في تعلمه وتعليمه وتوضيح مسائله وضبط قواعده، حتى إنه لا يكاد يخلو متنٌ فقهي إلا ويُعقد فيه كتابٌ لبيان أحكامه، فضلا عمّا أُفرد به من المؤلفات الخاصة به.

وهذا العلم ينقسم إلى قسمين:

القسم الأول : فقه المواريث. والقسم الثاني : حساب المواريث.

فالقسم الأول بُسطت مسائله وأحكامه في كتب الفقه، وأمَّا القسم الثاني وهو الجانب العملي من هذا العلم فمع كون الفقهاء قد بيَّنوا مسائله وأساليبه؛ إلا أن المشتغل به في حاجة ماسّة إلى معرفة وإتقان علم الحساب، وكلّما برع الدارس فيه كلّما سهلت عليه مسائله ومباحثه.

وبين أيدينا متونٌّ تعليميَّة وجيزة نافعة في علم الفرائض؛ مشروحة وفق مذهب الفقهاء الحنابلة، لا يستغني عنها الراغبون في ضبط هذا العلم والإحاطة بمسائله لصغر حجمها وسهولة استحضارها، مع حفظ الجهد والوقت للدارسين، فـ(في أخذ المختصرات العلمية تكوينٌ للمَلَكات والقدرات).

ولذا كانت الرغبة بالمشاركة في هذا الفن بتحقيق شرحَي ابن بدران ﷺ (البدرانية) و(كفاية المرتقي) رغبةً في نشرِ هذا العلم الجليل، وإبداءً لجوهرهِ ولُبهِ، فأسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

کتبه

سامح بن جابر بن عبد الحميد الحداد

يوم السبت السادس من شهر جمادى الآخرة سنة ١٤٣٩هـ

8

الدراسة

وتشتمل على فصلين وملحق:

* الفصل الأوَّل: التَّعريف بالنَّاظمين والشَّارح.

- المبحث الأوَّل: التَّعريف بالصَّرصري.

- المبحث الثاني: التَّعريف بالفارضي.
- المبحث الثالث: التَّعريف بابن بدران.

* الفصل الثَّاني: التَّعريف بالمنظومة (الفارضية) ومنظومتي (الخرقي وزوائد الكافي) وعمل ابن بدران عليهما.

المبحث الأول: التعريف بالمنظومة الفارضية.

المبحث الثاني: التعريف بنظمي الخرقي وزوائد الكافي.
المبحث الثالث: التعريف بالشرحين (البدرانية) و(كفاية المرتقي).

** ملحقٌ: وفيه:

أوَّلاً: المنظومة الفارضية.

ثانياً: كتاب الفرائض من منظومة (الدرَّة اليتيمة والمحجَّة المستقيمة).
ثالثاً: كتاب الفرائض من منظومة (واسطة العقد الثمين وعمدة الحافظ الأمين).

9

-

10

الفصل الأول

التعريف بالنَّاظمين والشَّارح

المبحث الأول

التَّعريف بالصَّرصري(١)

اسمه وکنیته ونسبه:

هو يحيى بن يوسف بن يحيى بن منصور بن معمّر بن عبد السلام الأنصاري الصَّرصري، الزریراني، جمال الدين، أبو زكريا.

والصَّرصري: نسبة إلى صرصر، وهي قريتان من سواد بغداد، صرصر العليا وصرصر السفلى، وهما على ضفة نهر عيسى، وبين السفلى وبغداد نحو فرسخين(٢).

والزريراني: نسبة إلى زَرِيران - بفتح الزاي وكسر الراء وياء ساكنة وراء أخرى وآخره نون - قرية بينها وبين بغداد سبعة فراسخ، على جادة الحاج إذا أرادوا الكوفة من بغداد(٣).

مولده ونشأته:

ولد الصرصري سنة ثمان وثمانين وخمسمائة (٥٨٨)، ولم تنص المصادر على موضع ولادته ونشأته، والذي يظهر أنه ولد بصرصر، وبها نشأ.

(١) ينظر ترجمته: ذيل طبقات الحنابلة (٣١/٤) التكملة لوفيات النقلة (٨٨/٣) تاريخ الإسلام (٤٥٥) العبر (٧٧/٥) شذرات الذهب (٨٥/٥) ذيل مرآة الزمان (٢٥٧/١).

(٢) ينظر: الأنساب للسمعاني (٢٩٧/٨)، ومعجم البلدان (٤٠١/٣).

(٣) انظر: معجم البلدان (١٤٠/٣).

11

طلبه للعلم:

قال ابن رجب: قرأ القرآن بالروايات على أصحاب ابن عساكر البطائحي، وسمع الحديث من الشيخ علي بن إدريس البعقوبي الزاهد، وصحب الشيخ عبد القادر الجيلاني، وحفظ الفقه واللغة، ويقال إنه كان يحفظ صحاح الجوهري بكماله.

شيوخه:

وبالإضافة لشيوخ المترجَم السابق ذكرهم في ((طلبه للعلم))، فإنَّ له شيخاً بالإجازة هو: عبد المغيث الحربي الحنبلي، والفترة التي عاشها العلامة الصرصري كانت تعجّ بعلماء المذهب الأكابر من الشيوخ والأقران فلا تُستَبعد استفادته منهم؛ كأمثال: موفّق الدين ابن قدامة(١)، ونصر بن عبد الرزاق الجيلي(٢)، وعلي الشهرياني البغدادي(٣).

تلاميذه:

قال ابن رجب: ((سمع منه الحافظ الدمياطي، وذكره في معجمه، وعلي ابن حصين الفخري، وأجاز للقاضي سليمان بن حمزة، وأحمد بن علي الجزري، وزينب بنت الكمال)).

مصنفاته:

لم يؤلِّف وله نثراً، بل كلُّ ما ذُكر من مصنَّفاته منظوم، وقد أكثر من نظم

(١) قال عنه الصرصري في لامية المذهب: (وفي عصرنا كان الموفقُ حجَّةً على فقهه؛ ثبت الأصول محوَّلي)؛ انظر: ذيل طبقات الحنابلة (٢٩٥/٣).

(٢) قال في لامية المذهب فيه: (وفي عصرنا قد كان في الفقه قدوة أبو صالح، نصر لكل مؤمل)؛ انظر: ذيل طبقات الحنابلة (٤٢١/٣).

(٣) المصدر السابق (١١١/٤).

12

المديح النبوي، وقد جُمعتْ أشعاره في (ديوانٍ)(١).

وله في الفقه: (الدرَّة اليتيمة والمحجَّة المستقيمة)، وهي منظومة نظَمَ فيها مختصر أبي القاسم الخرقي.

وله (واسطة العقد الثَّمين وعمدة الحافظ الأمين) نظم فيها زوائد الكافي لابن قدامة المقدسي على الخرقي - وسيأتي التَّعريف بهما -.

شعره:

كان رائد المديح النَّبوي بلا منازع في زمانه. قال ابن رجب: ((شاعر العصر، وصاحب الديوان السائر في الناس في مدح النبي ﷺ، فكان حسَّان وقته، وكان شعره في غاية الجودة رحمة الله عليه، وقد امتدح رسول الله ﷺ بأشعارٍ كثيرة، قيل إنَّ مدائحه فيه ﷺ تقارب عشرين مجلداً)).

وقال ابن القيم: ((سار شعره مسيرة الشمس في الآفاق، واتفق على قبوله الخاصُّ والعامُّ أي اتفاق، ولم يزل ينشد في المجامع العظام، ولا ينكر عليه أحد من أهل الإسلام))(٢).

وقال: ((سمع مرةً شيخ الإسلام ابن تيمية قدَّس الله روحه منشداً ينشد أبيات يحيى الصَّرصري التي أولها: (ذكرَ العقيق فهاجَهُ تِذكارُهُ)؛ فلمَّا وصل إلى قوله:

يا مَنْ ثَوى بين الجوانحِ والحشَا مِنِّي وإن بعُدَتْ عليَّ ديارُهُ

عطفاً على قلبٍ بحبِّكَ هائمٌ إنْ لم تصِلْهُ تصدَّعتْ أعشارُهُ
وارحمْ كئيباً فيكَ يقضي نحبَهُ أسفاً عليكَ وما انقضتْ أوطارُهُ

(١) انظر: ديوان الصرصري؛ تحقيق: مخيمر صالح، جامعة اليرموك - الأردن، ١٩٩٠م.

(٢) اجتماع الجيوش الإسلامية (٤٨٠).

13

لا يستفيقُ مِنَ الغرامِ وكلَّما حجبوكَ عنه تهتَّكتْ أستارُهُ

اشتدَّ بكاؤه ونحيبه، وتغيَّر حاله))(١).

ثناء العلماء عليه:

  • قال ابن رجب: ((كان يتوقَّد ذكاءً ... وكان صالحاً، قدوة، عظيم الاجتهاد، كثير التلاوة، عفيفاً، صبوراً، قنوعاً، محباً لطريقة الفقراء ومخالطتهم))(٢).

  • وقال ابن القيم: ((حسَّان السنة في وقته، المتفق على قبوله))(٣).

  • وقال ابن كثير: ((كان ذكياً يتوقد نوراً))(٤).

  • وقال اليونيني: ((الشيخ الصالح الحنبلي، كان من العلماء الفضلاء الزُّهاد العبّاد))(٥).

  • وقال الذهبي: ((العلامة القدوة ... كان إليه المنتهى في معرفة اللغة وحسن الشعر))(٦).

وفاته:

عندما دخل هولاكو وجنده إلى بغداد كان الشيخ يحيى بها، فلما دخلوا عليه قاتلهم، ويقال: إنه قتل منهم بعكازه، ثم قتلوه شهيداً سنة ست وخمسين وستمائة (٦٥٦هـ) برباط الشيخ علي الخباز بالعقبة، وحمل إلى صرصر فدفن بها.

(١) الكلام على مسألة السماع (٣٤٣ - ٣٤٤).
(٢) ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٣٤).
(٣) اجتماع الجيوش الإسلامية (٤٨٠).
(٤) البداية والنهاية (١٣/ ٢١١).
(٥) ذيل مرآة الزمان (١/ ٢٥٧).
(٦) العبر (٣/ ٢٨٥).

14

المبحث الثاني

التعريف بالفارضي(١)

اسمه ولقبه ونسبه:

هو شمس الدِّين محمد الفارضي(٢) القاهري الحنبلي.

قال الشنشوري: ((اشتهر بالفارضي، لأنه كما قال [أي الفارضي عن نفسه]: كان ينشد كلام سيدي عمر بن الفارض(٣) رضي الله عنه كثيراً))(٤).

مولده:

لم أقف على من ذكر مولده، والظّاهر أنَّه ولد في آخر القرن التاسع أو مطلع العاشر، وذكر الخفاجي في ريحانته أنه عُمِّر.

(١) ينظر: ترجمته في الكواكب السائرة (٧٥/٣) ريحانة الألبا (١٦٩/٢) شذرات الذهب (٥٧٦/١٠) مختصر طبقات الحنابلة (٩٧) السحب الوابلة (١١٠٦) النعت الأكمل (١٤٣).

(٢) اتفقت المصادر على ذكر اسمه مختصراً، وذُكِرَ اسمه في فهرس مخطوطات مكتبة الأزهر الشريف (٢٨٥/١٦) في نسقٍ أتم: ((محمَّد بن أحمد بن إبراهيم الفارسكوري الفارضي))، ضمن بطاقة: [٣١٤١٥ - شرح الفارضي لألفية ابن مالك].

(٣) هو عمر بن علي الحموي ثم المصري (٦٣٢هـ)؛ وأوضح تقيُّ الدين ابن تيمية - والله - أسلوب ابن الفارض في إخفاء مذهب الاتحادية ضمن شعره وأدبه، حتى راجت أشعاره على كثيرٍ من الفقهاء والعلماء دون التنبه إلى مقاصدها؛ فقال: ((تجد كثيراً من عوام أهل الدين والخير والعبادة يُنشد قصيدة ابن الفارض ويتواجد عليها ويعظمها ظاناً أنها من كلام أهل التَّوحيد والمعرفة، وهو لا يفهمُها ولا يفهم مرادَ قائلها))؛ مجموع الفتاوى (٢٩٧/٢)، وقال: ((وكثيرٌ من أهل السلوك الذين لا يعتقدون هذا المذهب: يسمعون شعر ابن الفارض وغيره؛ فلا يعرفون أنَّ مقصوده هذا المذهب [أي: الاتحاد]، فإنّ هذا الباب وقع فيه من الاشتباه والضلال ما حيَّر كثيراً من الرجال))؛ مجموع الفتاوى (٣٧٩/٢). وانظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء (٣٦٨/٢٢) والشذرات (٢٦١/٧) وراجع مجموع الفتاوى (٧٣/٤ - ٧٤).

(٤) الدرة المضية (٥٠).

15

شيوخه:

ذُكر في ترجمته أنه أخذ عن جماعةٍ من علماء مصر، ولم أقف على تعيين أحدهم. وقد عدَّ بعض المعاصرين الشيخ شمس الدين العلقمي من شيوخ الفارضي، اعتماداً على قول النَّجم الغزي: ((واستشهد الشيخ شمس الدين العلقمي بكلامه [أي الفارضي] في شرح الجامع الصغير)). ولو سُلِّم وجود علاقة بينهما فهي أقرب لأنْ يكون العلقمي تلميذاً للفارضي؛ لنقله عنه.

تلاميذه:

أخذ عنه جماعة من الأجلّاء، منهم العلامة شمس الدين العلمي المقدسي، مدرِّس المدرسة القصاعية، وأيوب الخلوتي، وقد عدَّ بعض المعاصرين(١) الشنشوري صاحب الدرة المضيّة من تلاميذ الفارضي، ولا أدري على أيِّ شيء استندوا، فالمترجمون للشنشوري لم يذكروا الفارضي من شيوخه، والذي يظهر أنه من أقرانه(٢).

مصنفاته:

كان للفارضي رحمه الله مصنَّفاتٌ غير المنظومة الفارضية، فمن تلك المصنفات:

تعليقة على صحيح البخاري(٣)، وتعاليق في الفقه(٤)، وتعاليق في النَّحو ينقل عنها محشُّو الأشموني، مما يدل على تبحره فيه(٥)، ونظم حديث: سبعة

(١) انظر هامش السحب الوابلة (١١١٢).

(٢) ينظر: الدرة المضية (٤٥).

(٣) لها نسخةٌ محفوظة بالمتحف البريطاني (B/١٣٠١٣)، وتقع في (١٦٧) لوحة.

(٤) له حاشيةٌ على ((منتهى الإرادات))، وهي من الحواشي المهمة؛ ينقل عنها الحنابلة كالخلوتي وابن قائد النجدي في حواشيهما على المنتهى، مع الترميز لها بـ((ف، فارضي)).

(٥) وقد طُبعَ حديثاً ((شرح الفارضي على ألفية ابن مالك)) في أربعة مجلدات بدار الكتب العلمية -=

16