وتعلم ما لها من أثر على الفرد والمجتمع. فالسُّنَّة توحِّد المسلمين، وتجمع كلمتهم، وتلمّ شَعْثَهُم، وتصلح شأنهم، وتؤلِّفُ بين قلوبهم، فضلًا عن أنَّها مبيِّنة لكتاب ربِّهم، والمصدر الثَّاني للتَّشريع الإسلاميّ؛ ولذلك أَوْلَتْها جلّ اهتمامها.
وكان لأمِّ المؤمنين ﵂ مقاييس في نقد الحديث، كعرض الحديث على القرآن الكريم، روى البخاري عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ ﵂: يَا أُمَّتَاهْ، هَلْ
رَأَى مُحَمَّدٌ ﷺ رَبَّهُ؟ فَقَالَتْ: "لَقَدْ قَفَّ (^١) شَعَرِي مِمَّا قُلْتَ! أَيْنَ أَنْتَ مِنْ ثَلَاثٍ مَنْ حَدَّثَكَهُنَّ فَقَدْ كَذَبَ: مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ محمَّدًا ﷺ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٠٣)﴾ [الأنعام]، ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (٥١)﴾ [الشّورى]، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا (٣٤)﴾ [لقمان]، وَمَنْ حَدَّثَكَ أَنَّهُ كَتَمَ فَقَدْ كَذَبَ، ثُمَّ قَرَأَتْ: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ (٦٧)﴾ [المائدة] الْآيَةَ، وَلَكِنَّهُ رَأَى جِبْرِيلَ ﵇ فِي صُورَتِهِ مَرَّتَيْنِ" (^٢).
ولمسلم عَنْ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ: "يَا أَبَا عَائِشَةَ (مَسْرُوق)، ثَلَاثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى الله الفِرْيَةَ،