٥- فصل [في] [كَيّفيَّةِ الذِّكْرِ]:
٣٣- الذكر يكون بالقلب، ويكون باللسان، والأفضلُ منه ما كانَ بالقلب واللسان جميعًا، فإن اقتصرَ على أحدهما، فالقلبُ أفضل. ثم لا ينبغي أن يُتركَ الذكرُ باللسان مع القلب خوفًا من أن يُظنَّ به الرياءُ، بل يذكرُ بهما جميعًا، ويقصدُ به وجهُ الله تعالى، وقد قدمنا [رقم: ١٦] عن الفضيل بن عِياض ﵀ أن ترك العمل لأجل الناس رياءٌ؛ ولو فتح الإنسانُ عليه بابَ ملاحظة الناس، والاحتراز من تطرُّق ظنونهم الباطلة لانْسدَّ عليه أكثرُ أبواب الخير، وضيَّع على نفسه شيئًا عظيمًا من مهمَّات الدين، وليس هذا طريقة العارفين.
٣٤- ورَوَينا في صحيحي: البخاري [رقم: ٤٧٢٣]، ومسلم [رقم: ٤٤٧] ﵄، عن عائشة ﵂، قال: نزلت هذه الآية: ﴿وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا﴾، [الإسراء: ١١٠] في الدُّعاء.
٦- فصل [في] [أنَّ العبادةَ ذكرٌ]:
٣٥- اعلم أن فضيلة الذكر غيرُ منحصرةٍ في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها، بل كلُّ عاملٍ لله تعالى بطاعةٍ فهو ذاكرٌ لله تعالى؛ كذا قال سعيدُ بن جُبير ﵁، وغيره من العلماء.
٣٦- وقال عطاءُ ﵀: مجالسُ الذِّكر هي مجالسُ الحلال والحرام، كيف تشتري وتبيعُ، وتصلّي وتصومُ، وتنكحُ وتطلِّق، وتحجّ؛ وأشباه هذا.