165

Al-'Adhb an-Nameer min Majalis ash-Shanqeeti fi at-Tafseer

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

Baare

خالد بن عثمان السبت

Daabacaha

دار عطاءات العلم (الرياض)

Lambarka Daabacaadda

الخامسة

Sanadka Daabacaadda

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

Goobta Daabacaadda

دار ابن حزم (بيروت)

Noocyada

ولفظةُ (ويل) تتعدَّى باللامِ؛ وَلِذَا عَدَّاهُ بقولِه: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ﴾ وهو مبتدأٌ خبرُه جملةُ: (للذين)، وإنما سَوَّغ الابتداء بهذه النكرةِ لأنها مُشَمَّةٌ معنى الدعاءِ، وقد تقررَ في علمِ العربيةِ: أن النكرةَ إذا كانت مُشَمَّةً معنى الدعاءِ بخيرٍ أو بِشَرٍّ كان ذلك مُسَوِّغًا للابتداءِ بها (^١)، ومثالُه في الدعاءِ بالخيرِ: ﴿قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ﴾ [هود: آية ٦٩] (سلامٌ عليكم) مبتدأٌ، سَوَّغَ الابتداءَ به أنه في معرضِ الدعاءِ، والدعاءُ بالشرِّ كقولِه هنا: ﴿فَوَيْلٌ﴾ أي: هلاكٌ عظيمٌ لا خلاصَ منه للذين يكتبونَ الكتابَ بأيديهم ثم يقولونَ هذا من عندِ اللَّهِ، فهؤلاء اليهودُ - قَبَّحَهُمُ اللَّهُ - كانوا يأخذونَ أوراقًا وقراطيسَ ينقلونَ فيها من التوراةِ، يقولون مثلًا: في المحلِّ الفلانيِّ من التوراةِ كذا وكذا وكذا، ويكتبونَ أمورًا باطلةً ليست في كتابِ اللَّهِ، كما يأتي في قولِه: ﴿تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا﴾ [الأنعام: آية ٩١] وهذا الذي يكتبونه بأيديهم في هذه القراطيسِ كَذِبٌ مُخْتَلَقٌ على اللَّهِ (جل وعلا). وهذا الاختلاقُ والتحريفُ إنما فَعَلُوهُ ليتعوضوا به عَرَضًا من عَرَضِ الدنيا؛ ذلك أنهم لو أَخْبَرُوا بالواقعِ لآمَنَ كُلُّ الناسِ، وصارُوا تِبَعًا لا مَتْبُوعِينَ، وَضَاعَتْ عليهم رئاسةُ الدِّينِ، والأموالُ التي يأخذونَها عن طريقِ الرئاسةِ الدينيةِ، فَصَارُوا يكتبونَ أمورًا محرَّفَةً مزورةً، منها تغييرُ صفاتِ النبيِّ ﷺ، وغيرُ ذلك. فقال اللَّهُ فيهم: ﴿فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ﴾ يكتبونَ الكتابَ في تلك القراطيسِ بأيديهم. وقولُه: ﴿بِأَيْدِيهِمْ﴾ هذا نوعٌ من التأكيدِ جَرَى على ألسنةِ

(^١) انظر: الأشموني (١/ ١٥٨)، الدر المصون (١/ ٤٤٩).

1 / 169