ولأموالهما باذلين، ولأعراضهما صائنين، وفي مرضاة الله دائبين، وعلى هدي أهل التُّقى جاريين، ومن كل دنسٍ ونطف بعيدين نزهين؛ وأنهما لو بقيا لنزَل عليهما الوحي، ولتجدّد بهما الشَّرع، وسقط بمكانهما الاختلاف، وزال بنظرهما ما فيه الأُمة من هذا العيش النَّكد، والشؤم الشّامل، والبلاء المحيط، والغلاء المتَّصل، والدِّرهم العزيز، والمكْسب الدَّنِس، والخوف الغالب، ولكانت الأرض تُخرج أثقالها، وتلفِظُ كنوزها، ويستغني من ألم الفقر أهلها، ومن فضيحة الحاجة أربابها، ويعود ذوي الدين ناضرًا، وخامل المروَّة نَبِيهًا.
ولكن قد يسمع هذا الكلام مني من شاهدهما، وتبطّن أمرهما، وخبر حالهما وعرف ما لهما وما عليهما، فلا يتماسك عن زجري وخسائي وإسكاتي ومَقْتي، ولا يُنَهْنهه شيء عن مُقابلتي بالتكذيب واللّوم، ولا يجد بدًا من أن يردّ قولي في وجهي، ولا يسعه إلا ذاك بعد ازدرائي وتجهيلي، ولا يلبث أن يقول: انظُروا إلى هذا الكذب الذي ألّفه، وإلى هذا الزُّور الذي فوّقه، والباطل الذي وصفه، والحقّ الذي دفعه
1 / 83
بسم الله الرحمن الرحيم
وأنت - حفظك الله - إذا نظرت إلى الدنيا وجدتها قائمة على هذه الأركان