أما مكر الأمراء والملوك فقد كاد ينحصر في ختل العامة وجرهم إلى الحروب باسم الدين، فمن المتعسر أن تجد أمة إسلامية حاربت أختها باسم الملك في دعوة صريحة، بل كانت كل أمة تختص نفسها بالهداية، وترمي غيرها بالمروق، وكانت الجماهير وقودا لنار تلك الفتن في مصر والشام والعراق وخراسان، وغيرها من ممالك المسلمين. ولعن الله الساسة أصحاب الأغراض.
الفصل السادس
البلدان التي عرفها الغزالي
نريد أن نذكر في هذا الفصل بعض البلدان التي عرفها الغزالي، لصلة ذلك بحياته، ونستثني بغداد، لأنها أشهر من أن تحتاج إلى تعريف، وقد خصها الأستاذ الكبير الدكتور طه حسين بكلمة ممتعة في كتابه ذكرى أبي العلاء، فليرجع إليه من أراد.
ونعتمد في وصف تلك البلدان على معجم ياقوت
1
لقرب مؤلفه من ذلك العصر، ولأنه يتصور تلك المواطن على نحو ما كان يعرفها الناس إذ ذاك.
طوس
مدينة بخراسان، تشتمل على بلدتين يقال لإحداهما الطابران (وهي التي دفن بها الغزالي) وللأخرى توفان، ولهما أكثر من ألف قرية، فتحت في أيام عثمان بن عفان رضي الله عنه، وبها قبر علي بن موسى الرضا وبها أيضا قبر هارون الرشيد. وقال مسعر بن المهلهل: وطوس أربع مدن، منها اثنتان كبيرتان واثنتنان صغيرتان، وبها آثار أبنية إسلامية جليلة، وبها دار حميد بن قحطبة، ومساحتها ميل في مثله، وفي بعض بساتينها قبر علي بن موسى الرضا وقبر الرشيد، وبينهما وبين نيسابور قصر هائل محكم البنيان، لم أر مثله علو جدران، وإحكام بنيان، وفي داخله مقاصير تحار في حسنها الأوهام، وأزجاج
2
Bog aan la aqoon