ويمكن الحكم بأن دراسة كتاب الإحياء في الأزهر مجردا من آراء المفكرين في نقده، وتمييز غثه من سمينه، كانت السبب في إفساد العقلية الأزهرية، وجعلها غير صالحة لأن تسمو بأصحابها إلى الطمع في أن تكون العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
والأمل كبير في أن يصل هذا الصوت إلى من بيدهم الأمر في الأزهر والمعاهد الدينية: فيغيروا ذلك المنهج القديم في دراسة الأخلاق، فإن في الأزهر ولواحقه نحو عشرين ألفا من الطلبة تميتهم تلك المذاهب البالية، التي يعولون عليها في فهم نزعات النفوس، وخلجات القلوب. وسبحان من لو شاء لهدانا وإياهم سواء السبيل! (8) عناية الأجانب بالغزالي
ومما يتصل بتأثير الغزالي في الحياة العلمية عناية الأجانب به: فقد كتبت عنه عدة مؤلفات بالفرنسية، والإنكليزية، والألمانية. ومنهم من يتعصب له فوق ما يفعل المسلمون. ويعده الدكتور زويمر واحدا من أربعة ويقول: «كل باحث في تاريخ الإسلام يلتقي بأربعة من أولئك الفطاحل العظماء. وهم محمد نبي المسلمين نفسه، والبخاري، والأشعري، والغزالي».
والدكتور زويمر من المستشرقين الإنكليز الذين درسوا العقلية الشرقية، وكتابه عن الغزالي من الكتب القيمة، وتجد فيه من مظهر العناية بالغزالي ما كتبه عن قبره، نقلا عن خطاب وصله من القس دونالدسن في 17 يناير سنة 1917، وقد زار قبر الغزالي ووجد في إحدى زوايا الحجر كلمة (غزالي) و(بوحا) وأصلها بالطبع أبو حامد. وهذا هو الرسم الذي أرسله قس دونالدسن إلى الدكتور زويمر عن قبر الغزالي.
ومن أجود ما كتب بالفرنسية عن الغزالي كتاب
Cara de Vaux
والمسيو «كارادي فو» هذا رجل خبير بالحياة الإسلامية، وله كتاب عن ابن سينا أحب أن يطلع عليه من يود أن يعرف شيئا عن المدارس الفلسفية عند المسلمين، وإني لآسف حين أقرر أن المستشرقين يفهمون مذاهب أهل السنة والمعتزلة أكثر من علماء الأزهر الذين إذا عرض لهم ذكر المعتزلة لم يزيدوا على أن يقولوا (قبحهم الله) وقد أخبرني حضرة الأستاذ الدكتور طه حسين أن المسيو كازانوفا وضع كتابا عن الغزالي، وإني لملوم في أن غفلت عن هذا الكتاب، فإن الطريقة التي جرى عليها المسيو كازانوفا في كتابه «محمد ونهاية العالم» طريقة تغري الباحث بتعقب ما يكتب هذا الرجل الدقيق. وآسف أيضا على أن الظروف لا تسمح بأن أترجم شيئا من آراء هذا الرجل، لأن البحث العلمي عنده فوق كل مقام. وإنما أدعو من يحب الاطلاع إلى مراجعة
Mohamed et la fin du monde
فإن فيه من المباحث ما يواتي شهوات العقول، وللعقول شهوات!
وهناك كتاب للمسيو
Bog aan la aqoon