224

Akhlaq Cinda Ghazali

الأخلاق عند الغزالي

Noocyada

ونجد كتابه «تهافت الفلاسفة» قد أحدث رجة عنيفة بين فلاسفة المسلمين، فقام ابن رشد المتوفى سنة 595ه، وألف كتابا في نقده، ومقام ابن رشد في عالم الفلسفة غير مجهول. ثم جاء خوجه زاده المتوفى سنة 893ه، وألف كتابا في التحكيم بين الغزالي وابن رشد بإشارة السلطان محمد الفاتح العثماني. ووضع علاء الدين بن علي الطوسي كتابا في المحاكمة بين الغزالي وابن رشد سماه «الذخيرة» ومنه نسخة بدار الكتب المصرية نمرة 174.

ونجد كتابه «قواعد العقائد» شرحه ركن الدين الاستراباذي ومحمد أمين بن صدر الدين الشرواني.

ونجد العلماء عنوا بتحقيق نسبة (المضنون به على غير أهله) إلى الغزالي. وممن بحث ذلك السبكي وصاحب «تحفة الإرشاد» وصنف أبو بكر محمد بن عبد الله المالقي المتوفى سنة 750ه، كتابا في رده، وهذا مظهر لعناية العلماء بنفي ما دس عليه.

وليست عناية العلماء بفتاواه بأقل من عنايتهم بكتبه، فقد جمعها غير واحد، بل رأينا من كتبه دروسه التي كان يعظ بها الناس في بغداد، ورأيناهم يحفظون ما نقل عنه من القصائد المتفرقة (انظر نمرة 243، 128، 562، 2762 من فهرست دار الكتب المصرية).

ولو رجعنا إلى ما ألف في الوعظ والفقه في الأعصر الأخيرة لرأينا أكثر المؤلفين يرجعون إلى الغزالي في أكثر الأبواب.

وقد أخبرني صديقي عبد القوي أفندي الحلبي أن من النادر أن تنشأ مكتبة في أي قطر من الأقطار الإسلامية، ولا تشتمل قائمتها على طائفة من كتب الغزالي في الفقه والأخلاق. (5) علاقة الفقه بالأخلاق

وقد يبدو لأول نظرة، أن لا صلة بين اهتمام العلماء بمؤلفاته في الفقه وبين تأثرهم بما كتب في الأخلاق، ولكننا لو عرفنا أن الروح السائد في ذلك العصر كان يجمع بين الفقه والتصوف، لرأينا ان اهتمام المؤلفين بشرح مصنفات الغزالي إنما كان أثرا لإيمانهم بصلاحه وتقواه، وقد كانت الأوساط الفقهية ولا تزال تعتقد أن لصلاح المؤلف تأثيرا في الانتفاع بمؤلفاته، ولو كتب في الحساب والنجوم.

أضف إلى هذا أن الغزالي نفسه كان يعنى بالفقه والتوحيد في مؤلفاته الأخلاقية، فكأنه يرى هذين الفنين جزءا أو مقدمة لعلم الأخلاق.

والذي عنوا بنقد كتبه إنما التفتوا أيضا إلى الوجهة الأخلاقية، فالقضاة منهم كانوا يرونه خطرا على الأخلاق، لأنه بجانب الشريعة، وهي فيما يرون أساس الأخلاق. والفلاسفة منهم كانوا يخافونه على الأخلاق، لأن لها قواعد متينة تلقوها عن معلميهم، وصاحبنا هذا يريد أن يأتي على تلك القواعد بإذاعته وساوس المتصوفة، وقد وقع ما كانوا يحذرون. (6) تأثير الإحياء

ولئن قالوا في «الوجيز» ما قالوا، ووضعوا عليه ما شاءوا من عشرات الشروح، وفعلوا مثل ذلك أو قريبا منه في مؤلفاته في الفقه، والتوحيد، والأصول، فإن أبعد كتبه أثرا، وأسيرها ذكرا، وأبقاها على وجه الدهر، هو كتابه «إحياء علوم الدين» بلا جدال.

Bog aan la aqoon