يسميها الغزالي رياضة الصبيان، وكانت كلمة صبي في التعابير القديمة تقابل كلمة طفل في التعبير الحديث، وكذلك كلمة صبية تقابل كلمة طفلة أو فتاة، فكانوا يقولون دخلت عليه صبية حسناء كما نقول فتاة حسناء.
وقد سبقت كلمتنا في وراثة الأخلاق عن فطرة الأطفال، فلا نعود إليها الآن، وإنما نذكر المنهج الذي وضعه الغزالي لتربية الطفل، وهو تفصيل ما أجملناه في واجبات الآباء.
فيجب على الوالد فيما يرى: (1)
أن يؤدب ابنه، ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق، ويحفظه من قرناء السوء. (2)
وأن لا يحبب إليه الزينة، وأسباب الرفاهية، لئلا يتعود التنعم، فيعسر تقويمه بعد ذلك. (3)
وإذا رأى فيه مخايل التمييز، وبوادر الحياء، فليعلم أن عقله مشرق، وأن تنمية هذه الباكورة من عزم الأمور، وأحسن ما تنمى به أن تستعان في تأديبه وتهذيبه. (4)
وليعلم أن أول ما يغلب على الطفل من شره الطعام، فينبغي أن يؤدب في ذلك، وأن يعود أخذ الطعام بيمينه، والبدء باسم الله، والأخذ مما يليه، وعدم السبق في الطعام، وعدم تحديق النظر إليه، وإلى من يأكل معه، والتمهل في الأكل وإجادة المضغ، وعدم الموالاة بين اللقم، والحذر من تلطخ اليد والثوب، وتعود الخبز القفار في بعض الأحيان حتى لا يرى الأدم حتما.
1 (5)
وينبغي أن يقبح عنده كثرة الأكل، بذم الطفل الشره ومدح المتأدب القليل الأكل، وأن يحبب إليه الإيثار بالطعام وقلة المبالاة به، والقناعة بأي طعام كان. (6)
وأن يحبب إليه الأبيض من الثياب، دون الملون، وأن يفهمه أن تلوين الثياب ليس عادة الرجال، وإنما هو عادة النساء والمخنثين، وأن يحفظه من مخالطة الأطفال الذين عودوا التنعم ولبس الثياب الفاخرة، ومن مخالطة كل من يسمع منه ما يرغب في ذلك. (7)
Bog aan la aqoon