المواضيع كأزياء الثياب. فما علينا لو درنا حول دارة جلجل جولات، فأنكرنا وشككنا، وسفهنا حامل لواء الشعر في النار، وتطور الحلم؛ وللأحلام تطورات عجيبة، فما راعني إلا امرؤ القيس يسدد نحوي رمحه، فقمت فزعا.
إنها والله أول مرة رأيت فيها رمحا مسددا. فتماوت له، فأدرك أنه ينازل غير بطل، فوقف عند رأسي هازئا، وقال: تكفيني قروحي، فلا تنكأوها ببحوثكم البغيضة. هذا ينظر وجودي، وذاك يفسقني، وهذاك ينصرني! أفلا تستطيعون غير هذا العبث؟
لديكم مئات الدارات، وعندكم مئات العنيزات، وعشرات الحمامات. فما لكم تتأثرون عنيزتي، وتحتلون دارتي؟
إن دور اصطيافكم وطلولنا سيان. فاسألوا كما سألنا ... وقفت على الطلول مرة فوقف الشعراء وقفتي، ووقف الشعر.
فقلت في نفسي: قاتل الله الجاهلية! فألطف تحياتهم السيف والرمح. الفرار الفرار.
فجئت الفرزدق فقال لي: إن نار غالب قد طفئت.
وقابلني الأخطل بعباءته الموصلية البراقة، وابتسامته الكزة، وعلق يحلف بالصليب، ومار سرجس، إنه لا يريد قتالا.
أما إذا أزعجته فينتحي له من لياليه العوارم أول ... فهو يرى الهوامش التي تعلق على حواشيه أبرد من جلد الحية وأشد صمتا من السمكة، فما يراها تعني شيئا.
وفيما نحن نتجادل، أقبل علينا رجل مربوع غير ممتلئ فقال الأخطل: هو ذا الخطفي، قد أجمعنا أمرنا أمس، وبتنا على أن يتوجه أحدنا إليكم، فينبئكم أننا جد أصحاب في الأبدية، نأكل في قصعة واحدة، فإياكم وإيانا ...
أما جرير فقال، بعد أن احتبى: يا غياث، منو هذا الأرضي، وما يبتغي؟
Bog aan la aqoon