أليس منهم اللص الأثيم وسفاك الدماء الرابض لكم في الطريق ليسلب أموالكم وينازعكم البقاء؟
فلو فكرتم بهذا قليلا وتأملتم به مليا، لو نظرتم إلى هذا الفقير البائس لعفتم بعض الكماليات وتركتم موائد القمار وأنفقتم جانبا من أموالكم على المدارس التي تروض الوحش في الإنسان، فيتسنى لكم العيش في راحة بال، وبهذا تأمنون اللصوص وتتركون أبوابكم في الليل مفتحة ليدخل منها الهواء الجديد المنعش.
كم صغير تنبعث نار الذكاء من جبينه قد ذهب ضحية الفقر وخسرته الإنسانية. كان يرجى أن يكون مخترعا أو عالما أو مهذبا أو ... ولكن عجزه عن اقتباس العلم أطفأ تلك الشعلة وأخمد ذلك القبس.
في أميركا لاموا كرنيجي المثري الشهير؛ لأنه أنفق معظم أمواله على بيوت العلم ولم يخص قسما منه ببيوت يأوي إليها الفقراء؛ لأن الكثيرين في البلاد التي نظن حجارتها ذهبا وفضة كانوا يتألمون من الجوع. أما نحن فنلوم أغنياءنا على إنفاقهم أموالهم في غير سبيلها، إذ لم نجد رجلا وقف أمواله على مدرسة خيرية تقبل في حضنها أبناء البلدة التي أبصر فيها النور.
لم نر بيننا من حول همه إلى إنماء المدارس الابتدائية في البلاد، بل كلهم على وتر واحد يضربون.
أما حان أن ننتبه من سنة الكرى ونهتم بصغارنا اهتمامنا بنفوسنا؟
المدارس الابتدائية ضرورية في كل بلدة في شرقنا العربي، وليس ذلك على الحكومة وحدها، فنحن أيضا مسئولون عن معاونتها. نقول هذا؛ لأننا نعلم أن في كل وطن من أوطاننا قرى عديدة محرومة من مدرسة ابتدائية تعلم الصبيان المبادئ الأولية من القراءة والكتابة.
فمتى تستيقظ من هذا السبات العميق، من هذا النوم المزعج المملوء أشباحا مخيفة وأحلاما رهيبة، ونهتم بشبيبتنا المقبلة؟
وإذا لم نجد من يهتم بنا فمن الضروري أن نهتم بنفوسنا ونعد لصبياننا مستقبلا سعيدا. فالذين لا يحسنون القراءة والكتابة في الأمم الراقية تسعة في المائة، أما عندنا فبالعكس.
وفي مناسبة افتتاح المدارس فلننظر إلى الذين تضيق المدارس عنهم وليس لهم مأوى أدبي، هذا إذا كان لهم المأوى الآخر.
Bog aan la aqoon