إن رفع الإنسان الضعيف الهياكل على الأعمدة القوية ليناجي تحت سمائها بهاءك الأبدي وجمالك الأزلي، فاليوم يشيدون القصور المزخرفة والبيوت الجامعة لشتات الرونق والبهاء، ليعبدوا في داخلها جمالا زائلا.
هذه البيوت، لو قيست بهيكلك العظيم «قلعة بعلبك» لما كانت دونه قوة بالنظر إلى حالة الإنسان. فاليوم يدرك المرء الشباب في سن الصبا، والشيخوخة في الشباب؛ وهذا ما يجعل الأثمار غير ناضجة وشهية. هذا ما يفقدها بعض معاني اللذة والجمال.
ينتظر الفقير طلوعك على الوجود ليجد في سبيل اكتساب لقمة يسد بها رمقه.
تصبو إليك الضوضى لتحيا؛ لأن انحجاب وجهك عنها يجر عليها الوحشة فتموت.
الجاهل يراك حملا ثقيلا على البشرية؛ لأنه ينقطع عن اللهو إلى العمل، عن الملذات إلى الحياة الحقيقية، إلى الجد والنشاط.
والعاشق يصبو إلى غيابك ليخفي بين أحشاء الظلام وحشته وحزنه، والليل أخفى للويل.
أيتها الشمس! كم شهدت من الحروب الطاحنة، وكم اصفر وجهك حين وقعت عينك على متاعب البشرية المعذبة!
كم غطيت وجهك بالغيوم كيلا تري ما نراه. وكم كسفت من الأنوار فمثلت بأدوارك هذه ما يطرأ على الإنسان، هذا المخلوق القوي كإله، والضعيف كاللاشيء.
أيتها الشمس! كم شاهدت من فظائع البشر، فكنت وما زلت تضحكين لكل شيء وتهزئين بكل شيء: للموت والحياة، للخراب والعمران، للعلم والجهل؛ فكأنك عالمة سرا لا تفشينه لمخلوق، عارفة أن كل شيء صائر إلى الزوال. كأنك شاعرة بضعف الإنسان الذي يدعي الألوهية ولا يخجل، يتدرع بالقوة ولا يستحي.
إنك تمثلين في كل يوم أطوار الحياة، فأنت في الصباح لطيفة، وفي الظهر فتاة قوية، وفي المساء عجوز هرمة رسمت يد الشيخوخة خطوط اصفرارها على جبينك.
Bog aan la aqoon