40

Dhamaadka Adduunka

آخر الدنيا

Noocyada

وكانت في الحقيقة مهمة صعبة أن أشرح له ما أريد، وأخبره بالتفصيل عن تلك الرغبة الخفية التي تراودني، والتي جعلتني ألازم عم خليل، وأتمنى أن ألقاه هو، والتي ما جرؤت أن أصرح بها لأحد سواه. نظر إلي بركن عينه نظرة اكتشفت معها أنه حين ينظر بركن عينه يحول، وقال: بتتكلم جد؟

وقلت، وكلي صدق ومن أعماق قلبي: والله بتكلم جد. أمال أنا بكلمك ليه؟ - بتكلمني ليه؟ - عشان أنت اللي حتعلمني أقتل إزاي.

ضحك حتى كاد ينفجر، وقال وهو يخبط على كتفي: مش عيب يا أستاذ الكلام ده؟ أعلمك القتل إزاي، هو كوتشينة يا فندي؟

وأحسست أني أهنت؛ خاصة لكلمة أفندي، وهو ينطقها بطريقة ممدودة الحروف. مع أني لأمر ما، كنت أعتقد أنه هو الوحيد الذي لن يسخر من رغبتي هذه لو حدث وقلتها له، بله أن يضحك علي وعليها كأي عابر سبيل، أو زميل من زملاء الدراسة. أحسست أني أهنت، ولم أشأ مجادلته؛ مخافة أن يأخذها هزلا ويضيع حلم حياة بأكملها ... وسكت.

وسكت هو الآخر، ثم وجدته بعد فترة يطبطب على كتفي وكأنما يصالحني ويقول: وإذا كان نفسك يا سيدي تقتل بخليك تقتل، المسألة بسيطة.

قلت وقد عاودني الأمل: والنبي؟

قال: بس على شرط حاكلفك بمأمورية تقدر تعملها؟ - واعمل أبوها كمان.

8

وحتى تلك اللحظة لم أكن قد نظرت للغريب أبدا باعتبار أنه إنسان مثلنا، ممكن أن تكون له زوجة أو يكون من عائلة وله والدان، وقطعا لم يدر بخلدي أن تكون له مثلا زوجتان ومن يدري ربما أكثر ... المشكلة أنه لم يترك لي وقتا للتأمل أو الاندهاش، على الفور مضى يحدثني عن تفاصيل المهمة التي تنتظرني، والتي كان علي فيها أن أوصل للزوجة الأولى ورقة بخمسة جنيهات، وأن آتي له بالثانية ... والأولى كانت في بلده القريب من بلدنا، سمراء كالحدأة، جافة، رفيعة كعود السنط الجاف. وأولادها على الأقل أكثر من عشرة، وكلهم لهم نفس سمرتها وعودها الجاف. وطلعت عيني، وهي تسألني عن كل كبيرة وصغيرة من أمر الغريب وتستريب، وتعود وتلح لتتأكد حتى تشهدت حين انتهت المهمة وأفرجت عني.

أما مهمتي الثانية فكانت ل «وردة» أحدث زوجاته التي لم أكن أتخيل أنها على هذا القدر المذهل من الأنوثة والليونة والجمال. لم أكن قد ذهبت أبدا إلى العزبة التي وصفها لي الغريب، ولكني كنت أعرف أنها تقع في منتصف المسافة بين كيلو 14، وبين محطة الطلمبات التي ترفع مياه المصرف الكبير إلى مستوى ماء البحيرة ... واخترت أن أذهب في شيخوخة العصر حتى أعود بها والدنيا ظلام، وكنت مضطربا خائفا أتحاشى الناس، وأتصور أنهم يعرفون وجهتي، ويعرفون حتى «الأمارة» التي زودني بها الغريب لتؤمن «وردة» أني قادم من عنده ... ويا لها من أمارة، أمارة ما طلبت منه أن يأتي لها بقلم حواجب أسود، أمارة لم أستسغها أبدا ولا هضمت أن ينطقها الغريب بلسانه، ويشغل نفسه بها إلى درجة أن يتذكرها.

Bog aan la aqoon