ولم تدننى والحمد لله فاقة
إلى طمع تدعو إليه المطامع
ولا ضرعت نفسي لشيء أناله
وبعض الرجال خاشع متضارع
أمص ثمادي والبحار غزيرة
لئلا يرى عندى لقوم صنائع
ولم يتعبدنى اللئام بمنة
ولا أنا للشيء الذى فات تابع
وإنى لأستغني فما أبطر الغنى
وما المال إلا عارة وودائع
وقد علم الإخوان أنى أخوهم
اذا كان فيهم جفوة وتقاطع
وكم ملك قد خصنى بكرامة
حفظت عليه أمره وهو ضائع
رأى أن لى عند الصنيعة موضعا
كذاك لها عند الكرام مواضع
أبى الله لى إلا علوا ورفعة
وليس لما لم يرفع الله رافع
ألا أيها اللاهى وقد شاب رأسه
ألما يزعك الشيب والشيب وازع «1»
أنصبو وقد ناهزت خمسين حجة
كأنك غر أو كأنك يافع
حذار من الأيام لا تأمننها
فتخدعك الأيام وهى خوادع
ولا تغتبط منها بعاجل فرحة
لك الترحات بعدها والفجائع
أتأمن خيلا لا تزال مغيرة
لها كل يوم في أناس وقائع
وتأمل طول العمر عند نفاده «2»
وبالرأس وسم للمنية لامع
يرحى الفتى والموت دون رجائه
ويسرى له ساري الردى وهو هاجع
ترحل من الدنيا بزاد من التقى
فإنك مجزى بما أنت صانع
--- وقال يرثى اخاه احمد بن يوسف
رماك الدهر بالخطب الجليل
فعز النفس بالصبر الجميل
Bogga 185